للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحسبِ فسادِ حركةِ القلبِ.

وروى الليثُ عن مجاهدٍ في قولهِ تعالَى: (وَلا تُشْرِكوا بِهِ شَيْئًا) .

قال: لا تحبُّوا غيرِي.

وفي "صحيح الحاكم " عن عائشةَ - رضي الله عنها - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الشِّركُ أخفَى من دبيبِ الذرِّ على الصفا في الليلةِ الظَّلماءِ، وأدناهُ: أن تُحِبَّ على شيءٍ من الجورِ، وأن

تُبغضَ على شيء من العدلِ، وهل الدِّينُ إلا الحبُّ والبغضُ؟

قال اللَهُ عز وجل: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) ".

فهذا يدل على أنَّ محبةَ ما يكرهُهُ اللَّهُ، وبغضَ ما يُحبه اللَّهُ متابعة

للهوى، والموالاةُ على ذلك والمعاداةُ عليه من الشركِ الخفيِّ، ويدل على ذلكَ قولُه تعالَى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) ، فجعلَ

علامةَ الصدقِ في محبته اتباعَ رسولِهِ، فدل على أن المحبةَ لا تتمُّ بدونِ

الطاعةِ والموافقةِ.

قال الحسنُ: قال أصحابُ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول اللَّهِ، إنَّا نُحِبُّ ربنا حبًّا شديدًا.

فأحبَّ اللَّهُ أن يجعل لحبِّه علمًا، فأنزل اللَّهُ هذه الآيةَ:

(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) .

ومن هنا قال الحسنُ: اعْلم أنكَ لن تُحبَّ اللَّهَ حتى تُحبَّ طاعتَه.

وسُئلَ ذو النونِ: متى أُحِبُ ربِّي؟

قال: إذا كانَ ما يُبغضُهُ عندكَ أمرَّ من الصبرِ.

وقال بشرُ بن السَّري: ليسَ من أعلامِ الحبِّ أن تحبَّ ما يُبغضُه حبيبُك.

<<  <  ج: ص:  >  >>