وعمرِو بنِ مرةَ، والثوريِّ نحو ذلك.
ورُوي عن مجاهدٍ، والضحاكِ، قالا: "ليسَ من جهالتِهِ أن لا يعلَمَ حلالاً
ولا حرامًا، ولكن مِنْ جهالتِهِ حينَ دخلَ فيه ".
وقال عكرمةُ: "الدنيا كلُّها جهالةٌ".
وعن الحسنِ البصريِّ أنَه سُئلَ عنها فقال: "هم قومٌ لم يعلمُوا ما لهم مما
عليهم، قيل له: أرأيتَ لو كانوا علموا؟
قال: فليخرجُوا منها فإنها جهالةٌ".
ومما يبيِّنُ أنَّ العلمَ يوجبُ الخشيةَ وأنَّ فقدَهُ يستلزمُ فقْدَ الخشيةَ وجوه:
إحداها: أن العلم باللَّه تعالى وما لَهُ من الأسماءِ والصفات كالكبرياءِ
والعظمةِ والجبروتِ، والعزة وغيرِ ذلك يوجبُ خشيتَهُ، وعدمُ ذلك يستلزمُ
فقْدَ هذه الخشيةِ، وبهذا فسَّر الآيةَ ابنُ عباسٍ، فقال: "يريدُ إنما يخافني مَنْ
علِمَ جبروتِي، وعِزَتي، وجلالِي، وسلْطَاني "، ويشهدُ لهذا قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:
"إني لأعلمكم باللَّهِ وأشدُّكم له خشيةً" وكذلك قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -:
"لو تعلمونَ ما أعلمُ لضحكتُم قليلاً ولبكيتُم كثيرًا"
وفي "المسند" وكتابِ الترمذيِّ وابنِ ماجةَ
منْ حديثِ أبي ذرٍّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:
"إني أرَى ما لا ترونَ وأسمعُ ما لا تسمعونَ.
إنَّ السماءَ أطَّتْ وحُقَّ لها أن تئِطَّ، ليسَ فيها موضعُ أربع أصابعَ إلا وملكٌ
واضعٌ جبهتَهَ ساجدٌ للَّهِ - عز وجلَّ - واللَّه لو تعلمونَ ما أعلمُ لضحكتُم قليلاً ولبكيتُم كثيرًا، وما تلذذتُم بالنساءِ على الفُرشِ، ولخرجتُم إلى الصعداتِ تجأرونَ إلى الله عزَّ وجلَّ ".