للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهَ جاهلاً، وكُلُّ مَنْ أطاعَه عالمًا، وكفى بخشيةِ اللهِ علمًا، وبالاغترار به

جهلاً. وأما التوبةُ من قريبٍ فالجمهورُ على أنَّ المرادَ بها التوبةُ قبلَ الموتِ.

فالعمرُ كلُّه قريبٌ، والدنيا كلُّها قريبٌ. فمن تابَ قبل الموتِ فقد تابَ من

قريبٍ، ومن ماتَ ولم يتُبْ فقد بَعُدَ كلَّ البُعد.

* * *

عن جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ - رضي الله عنه -: أن رجلاَّ سَألَ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: أرأيتَ إذا صَلَّيتُ المكتُوباتِ، وصُمْتُ رمضانَ، وأحْللْتُ الحلالَ، وحرَّمتُ الحرامَ، ولم أزِدْ على ذلك شيئًا، أأدخلُ الجنَّة؟ قال: "نعَمْ " رواه مسلم.

هذا الحديثُ: خرَّجه مسلمٌ من روايةِ أبي الزبيرِ عن جابرٍ، وزادَ في

آخر: قال: واللَّهِ لا أزيدُ على ذلكَ شيئًا. وخرَّجه - أيضًا - من روايةِ

الأعمشِ عن أبي صالح، وأبي سفيانَ عن جابرَ قالَ: قال النعمانُ بن قوقل: يا رسولَ اللَّهِ، أرأيتَ إذا صليتُ المكتوبة، وحرمتُ الحرامَ، وأحللتُ الحلالَ ولم أزدْ على ذلكَ شيئًا أأدخُلُ الجنَّةَ؟

قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "نعم ".

وقد فسرَ بعضُهم تحليلَ الحلال باعتقادِ حلِّه، وتحريمَ الحرامِ باعتقاد حُرمتِه

مع اجتنابِهِ، ويُحتملُ أن يرادَ بتحليلِ الحلالِ إتيانُه، ويكونُ الحلالُ ههنا عبارةً عمَّا ليس بحرامٍ، فيدخلُ فيه الواجبُ والمستحبُّ والمباحُ، ويكونُ المعنى أنَّه يفعلُ ما ليس بمحرَّمٍ عليه، ولا يتعدَّى ما أُبيحَ له إلى غيره، ويجتنبُ

المحرَّماتِ.

وقد رُوي عن طائفة من السلفِ، منهم ابنُ مسعود وابنُ عباس

في قولِهِ عزَّ وجلَّ: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكًّ يَؤمنُونَ بِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>