في غيرِ حديثٍ، وقد دلَّ عليه قولُه عز وجل:
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩) .
فوصفَهم بالتيقظِ بالليلِ والاستغفارِ بالأسحارِ وبالإنفاقِ من
أموالهِم.
كانَ بعضُ السلفِ نائمًا فأتاه آتٍ في منامِه فقالَ له: قمْ فصلِّ أما علمتَ
أن مفاتيحَ الجنةِ مع أصحابِ الليلِ هم خزانهَا؟!
وقيام الليلِ يوجب علو الدرجات في الجنةِ قالَ اللَّهُ تعالَى لنبيهِ - صلى الله عليه وسلم -.
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَتَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مُّحْمُودًا) .
فجعلَ جزاءَهُ على التهجدِ بالقرآنِ بالليلِ أن يبعثَهُ المقامَ المحمودَ وهو أعْلى
درجاتِهِ - صلى الله عليه وسلم -.
قال عونُ بنُ عبدِ اللَّهِ: " إنَّ اللهَ يُدخلُ الجنةَ أقوامًا فيعطِيهم حتى يملُّوا
وفوقَهم ناسٌ في الدرجات العلى، فلما نظروا إليهم عرفوهُم فقالُوا: ربنا.
إخواننا كنَّا معهُم فبم فضًّلْتهم علينا؟
فيقولُ: هيهاتَ هيهاتَ إنَّهم كانُوا يجوعونَ حين تشبعونَ، ويظمؤونَ حين تروونَ، ويقومونَ حينَ تنامون، ويشخصونَ حينَ تخفضونَ ".
ويوجبُ أيضًا نعيمَ الجنةِ ما لم يطلعْ عليه العبادُ في الدنيا قالَ اللَّهُ عز وجل: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) .
وفي "الصحيح " عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:
"يقول اللهُ عز وجل: أعددتُ لعبادِي الصالحينَ ما لا عين رأتْ، ولا أذن سمعتْ، ولا خطرَ على قلبِ بشر اقرؤوا إن شئتمُ: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) ".