للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قلتَ لي مُتْ قلتُ سمعًا وطاعةً. . . وقلتُ لداعِي الموتِ أهلاً ومرحبًا

ويشهدُ لهذا المعنى أيضًا قولُهُ تعالى:

(قُلْ إِن كنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) .

قال الحسنُ: قالَ أصحابُ رسولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -:

إنَّا نحبُّ ربَّنا حبًّا شديدًا، فأحبَّ اللَّهُ أن يجعلَ لحبِّه عَلَمًا، فأنزلَ اللَّهُ تعالى هذه الآيةَ.

ومن هاهُنا يُعلم أنه لا تتمُّ شهادةُ أن لا إله إلا اللَّهُ إلا بشهادة أن محمدًا

رسولُ اللَّه، فإنَّه إذا علمَ أنه لا تتمُّ محبةُ اللَّهِ إلا بمحبَّةِ ما يحبُّه، وكراهةِ ما

يكرهُه، فلا طريقَ إلى معرفة ما يحبُّه وما يكرَهُهُ إلا من جهةِ محمدٍ المبلِّغ

عن اللَّهِ ما يحبُّه وما يكرهُهُ باتًّباع ما أمرَ به، واجتنابِ ما نَهى عنه، فصارت

محبةُ اللَّه مستلزمة لمحبةِ رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وتصديقِهِ ومتابعته، ولهذا قرنَ اللَّهُ بين محبتِهِ ومحبةِ رسولِهِ في قولِهِ تعالى:

(قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ)

إلى قوله: (أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) .

كما قرنَ طاعتَهُ وطاعةَ رسوله - صلى الله عليه وسلم - في مواضع كثيرة.

وقال - صلى الله عليه وسلم -:

"ثلاث من كنَّ فيهِ وجد بهنَّ حلاوةَ الإيمانِ: أن يكونَ اللَهُ ورسولُهُ

أحبَّ إليه مما سوَاهُمَا، وأنْ يحبَّ الرجلَ لا يحبُّه إلا للهِ، وأنْ يكرهَ أن يرجعَ إلى الكفر بعد أن أنقذه اللَّهُ منه كما يكرهُ أن يُلقَى في النارِ".

هذه حالُ السحرةِ لمَّا سكنتِ المحبةُ قلوبَهُم سمحُوا ببذلِ النفوسِ وقالُوا

لفرعون: (فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ) ، ومتى تمكنتِ المحبةُ في القلبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>