قال الناصح: لا بأس، إن الذي يوصف بأنه بدعة حسنة لا يخرج عن حالين:
إما أنه قد دلّ الدليل عليه ولو بالعموم وغيره، أو أن الدليل لم يدل عليه.
فإن كان قد دل عليه، فلا يصح أن يسمى بدعة بالمعنى الشرعي؛ لأنه ليس بدعة؛ لدلالة الدليل عليه.
وإن لم يكن دلّ عليه، فلا يصح التعبد به؛ لأن العبادات توقيفية وهي على الحظر والمنع إلا لدليل.
قال المخالف: المشكلة في عدم فهمك لمعنى البدعة الحسنة، وذلك أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال:«نعمت البدعة هذه» فهو بهذا يقرر أن في الدين بدعة حسنة، فهل تقول: إن عمر متناقض؟ هذا أولًا.
قال الناصح: قبل أن تذكر الأمر الثاني: إن ما وصفه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بأنه بدعة حسنة هو مغاير لما تصفه بالبدعة الحسنة، وذلك أن عمر أراد بالبدعة المعنى اللغوي، لا ما أردته وهو المعنى الشرعي.
قال المخالف: كيف؟ الذي أراده عمر هو الذي أردتُه تمامًا؛ وذلك أن عمر ابن الخطاب أطلق هذا الوصف على صلاة التراويح جماعة، وهي عبادة.
قال الناصح: هذا يؤكد أن عمر أراد بالبدعة المعنى اللغوي، لا المعنى الشرعي؛ لأن ما أطلق عليه أنه بدعة هو ثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تركه لسبب وهو خشية أن يفترض، ثم لما زال هذا السبب رجع عمر وأحيا هذه السنة.