قال المخالف: بقي أمر ثان؛ وهو أنه لا يصح أن يقال بأن العبادات توقيفية على الإطلاق، فمن أحدث عبادة جديدة فهي صحيحة؛ لأنها بدعة حسنة.
قال الناصح: هذه زلة كبيرة، وهفوة شنيعة لم يسبقك إليها أحد، والأدلة والإجماع على خلاف هذا القول.
سبحان الله! أيصح أن يقال: إن العبادات ليست توقيفية على الإطلاق!! إنه لم يقل بهذا حتى العلماء القائلون بأن في الدين بدعة حسنة؛ لأنهم لا يشرعون عبادة إلا بدليل؛ لأجل هذا قال الهيتمي الشافعي: إن الخلاف بين القائلين بأن في الدين بدعة حسنة، وأن البدع كلها ضلالة، خلاف لفظي.
وكلامه صحيح - في الجملة -؛ لأن كل العلماء لا يجوزون عبادة إلا بدليل، وإن كانوا قد يختلفون في تنزيل الأدلة على الوقائع، وأيضًا قد يختلفون في طريقة التعامل مع الأدلة، فمنهم من يوسع في الاستدلال بالقياس والعموم وهكذا …
لكن القول بأن الخلاف لفظي يوهم أن تسمية هذه البدعة بالبدعة الحسنة تسمية صحيحة، وهذا ما لا يوافَقُ عليه وهو غير صحيح، لكن من جهة الثمرة لا ثمرة لهذا الخلاف، وليس القول:(بأن في الدين بدعة حسنة) مجوزًا إحداثَ عباداتٍ جديدة لا دليل عليها.
بل ويلزم من القول بأن العبادات ليست توقيفية على الإطلاق أن يرجع تشريع بعض العبادات إلى الهوى لا إلى الشرع!!
قال المخالف: إن القول بأنها توفيقية على الإطلاق يترتب عليه أن المستجدات والمستحدثات كالأذان وإلقاء الخطب بمكبرات الصوت بدعة ضلالة وهكذا …