للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النفس إليه والاستكثار منه، ولا يعد ذلك هجرانًا لغيره» (١)، ثم ذكر حديثًا والشاهد منه قريب من هذا، ثم قال: «فهذا الالتزام من هذا الصحابي ليس عليه نص توقيفي خاص من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذه القصة تختلف عن سابقتها، فإمام قباء كان يبدأ بـ (قل هو الله أحد)، وأمير السرية كان يختم بها، وإمام قباء كان يفعل ذلك في كل ركعة، ولم يصرح بذلك في قصة أمير السرية، وإمام قباء سأله النبي -صلى الله عليه وسلم-، أما أمير السرية فقد أمر أصحابه أن يسألوه، وقال إمام قباء: إنه يحبها، وقال أمير السرية: إنها صفة الرحمن، وبشر النبي -صلى الله عليه وسلم- إمام قباء بالجنة، أما أمير السرية فقد بشره بأن الله يحبه» (٢).

وكشف هذه الشبهة من أربعة أوجه:

الوجه الأول: أن الذي يريد الوصول إليه من هذين الحديثين هو أن الأصل في العبادات عدم التوقيف على الإطلاق، وهذا مخالف للأدلة والآثار والإجماع - كما تقدم -، فإذا بطل اللازم بطل الملزوم.

الوجه الثاني: لم أر في كلام العلماء من المذاهب الأربعة وغيرهم من قال باستحباب تقصد قراءة سورة الإخلاص كما يوهم فعل هذين الصحابيين، فدل هذا على عدم الاستحباب قطعًا؛ لأنه لا يصح لنا أن نخرج عن أقوال أهل العلم إلى أفهامنا، قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}] النساء: ١١٥ [.


(١) (ص ١٢٧).
(٢) (ص ١٢٨).

<<  <   >  >>