للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهل يمكن أن يظفر الكاتب - غير المتخصص في العلوم الشريعة - بحقٍّ جهله العلماء قبله؟!

فبهذا يتبين أن الصحابيين لم يفعلاه على وجه التعبد، وإلا لقرر أهل العلم استحباب القراءة لذاتها، وعلى وجه التقيد، فلما لم يقرروا ذلك، فليس لنا أن نخرج عن أفهامهم إلى هذا الفهم المحدث، فبهذا يتبين أنه ليس للكاتب حجة في هذين الحديثين على دعواه.

وقد أشار لهذا ابن المنير فجعل الدافع ميل النفس لا أمرًا تعبديًّا، وقد تقدم أن الدافع إذا لم يكن تعبديًّا فلا يمنع، لاسيما وقول رسول الله: «إن الله يحبه» ليس صريحًا لأجل قراءة سورة الإخلاص، وإنما يحتمل أنه لمحبته صفة الرحمن، كما قاله ابن دقيق العيد والسفاريني، ويحتمله كلام ابن المنير - وسيأتي نقله -.

ودونك كلام أهل العلم المتوافق على عدم استحباب تقصد قراءة سورة الإخلاص في كل ركعة وصلاة؛ لذا وجهوا فعل الصحابيين بتوجيهات مختلفة تتفق على عدم استحباب تقصد قراءة سورة الإخلاص في كل ركعة وصلاة.

قال ابن بطال: «وأما تردد سورة واحدة فى الركعتين، ففي (الواضحة)، عن مالك: لا بأس به، وروى ابن القاسم عن مالك في (العتبية)، أنه سئل عن تكرير {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] في النافلة، فكرهه وقال: هذا مما أحدثوا، ومعنى كراهته لتكريرها يريد في ركعة واحدة يكررها مرارًا، وفي حديث أنس حجة لمن أجاز تكريرها في الفريضة في كل ركعة؛ لقوله -عليه السلام- للذي كان يكررها: (حبك إياها أدخلك الجنة)، فدل ذلك على جواز فعله، ولو لم يجز لبين له ذلك؛ لأنه بعث معلمًا» (١).


(١) شرح صحيح البخاري (٢/ ٣٩١).

<<  <   >  >>