ومن المهم معرفة أن ما زعمه من أن المضيقين لا يجيزون التعبد بما دلت عليه قواعد الشريعة والأدلة العامة والمجملة بضوابطها؛ هو زعمٌ باطل، ولا أعلم أحدًا من العلماء المعاصرين الذين وصفهم بالمضيقين يقرر هذا، بل كلامهم واضح على خلافه، وهذا مما يدل على تخليطه وعدم تصوره لمن قسمهم مضيقين وموسعين.
قال العلامة ابن باز: «لكن بعض الناس قد تلتبس عليه بعض الأمور، فيرى أن ما وقع في المسلمين من بعض الأشياء، التي لم تقع في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، أنها بدعة حسنة، وربما يتعلق بقول عمر -رضي الله عنه-، في التراويح نعمت البدعة، لما جمع الناس على إمام واحد، وهذا ليس مما أراده النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن ما يحدثه الناس، مما تدل عليه الشريعة، وترشد إليه الأدلة، لا يسمى بدعة منكرة، وإن سمي بدعة من حيث اللغة، لكون المسلمين نقطوا المصاحف، وشكلوا القرآن، حتى لا يشتبه على القارئ، وجمعوه في المصاحف، هذا وإن سمي بدعة لغوية، لكن هذا شيء واجب، شيء يحفظ القرآن، ويسهل قراءته على المسلمين، فهذا نحن مأمورون به، مأمورون بما يسهل علينا القرآن، وبما يحفظه على المسلمين، وبما يعين المسلمين على حفظه وقراءته قراءة مستقيمة، فليس هذا من باب البدعة المنكرة، بل هذا من باب الأوامر الشرعية، من باب الحفظ للدين، ومن باب العناية بالقرآن، فليس مما نحن فيه بشيء، وكذلك قول عمر: نعمت البدعة، يعني كونه جمعهم على إمام واحد بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهذا بدعة من حيث اللغة، لأن البدعة في اللغة هي الشيء الذي على غير مثال سابق، ما يحدثه الناس على غير فعل سابق يسمى بدعة في اللغة، فهذا من حيث اللغة لا من حيث الشرع،