للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن التراويح فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصلى بالناس بعض الليالي، وأرشد إليها وحثهم عليها، فليست التراويح بدعة، ولكن لكونه جمعهم على إمام واحد، قال في ذلك: نعمت البدعة، من حيث اللغة فقط، فالحاصل أن ما أوجده المسلمون، مما يدل عليه الشرع، ويرشد إليه الشرع، بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا يسمى بدعة، بل هو مما دعا إليه الشرع، ورغب فيه الشرع، من جنس جمع المصحف، وشكله ونقطه ونحو ذلك، هذا ليس من البدع في شيء، بل من جنس التراويح، وفعل عمر لها رضي الله عنه وأرضاه، ليس في هذا الباب من شيء» (١).

قال العلامة ابن عثيمين: «وقد يقول قائل: هناك أشياء مبتدعة قبلها المسلمون وعملوا بها وهي لم تكن معروفة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، كالمدارس وتصنيف الكتب وما أشبه ذلك، وهذه البدعة استحسنها المسلمون وعملوا بها ورأوا أنها من خيار العمل، فكيف تجمع بين هذا الذي يكاد أن يكون مجمعًا عليه بين المسلمين وبين قول قائد المسلمين ونبي المسلمين ورسول رب العالمين -صلى الله عليه وسلم-: «كل بدعة ضلالة».

فالجواب: أن نقول هذا في الواقع ليس ببدعة بل هذا وسيلة إلى مشروع، والوسائل تختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة، ومن القواعد المقررة أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فوسائل المشروع مشروعة، ووسائل غير المشروع غير مشروعة، بل وسائل المحرم حرام، والخير إذا كان وسيلة للشر كان شرًّا ممنوعًا» (٢).


(١) فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (٣/ ٢٩).
(٢) الإبداع في بيان كمال الشرع وخطر الابتداع (ص: ١٨).

<<  <   >  >>