للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشاطبي: «وحاصل ما ذكر هنا (١) أن كل مبتدع آثم، ولو فرض عاملًا بالبدعة المكروهة، إنْ ثبتَ فيها كراهةُ التنزيه» (٢).

وقال: «أما الشرعُ، ففيه ما يدل على خلاف ذلك (٣)؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ردَّ على من قال: أما أنا فأقوم الليل ولا أنام، وقال الآخر: أما أنا فلا أنكح النساء … إلى آخر ما قالوا، فرد عليهم ذلك -صلى الله عليه وسلم- وقال: «من رغب عن سنتي فليس مني» (٤).

وهذه العبارة من أشد شيء في الإنكار، ولم يكن ما التزموهُ إلا فعلَ مندوبٍ، أو تركَ مندوبٍ إلى فِعْلِ مندوبٍ آخرَ - ثم قال -:

«وكلية قوله: «كل بدعة ضلالة» شاهدة لهذا المعنى، والجميع يقتضي التأثيم والتهديد والوعيد، وهي خاصية المحرم» - ثم قال -:

«والشواهد في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل على أن الهيِّنَ عند الناس من البدع؛ شديدٌ وليس بهيِّنٍ، {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}] النور: ١٥ [- ثم قال -:

«المحرم ينقسم في الشرع إلى ما هو صغيرة، وإلى ما هو كبيرة، حسبما تبين في علم الأصول الدينية، فكذلك يقال في البدع المحرمة: إنها تنقسم إلى الصغيرة والكبيرة اعتبارًا بتفاوت درجاتها كما تقدم، وهذا على القول بأن المعاصي تنقسم إلى الصغيرة والكبيرة» - ثم قال -:


(١) أي في أن ذم البدع والمحدثات عام لكل محدثة.
(٢) الاعتصام (١/ ٢٥١).
(٣) أي ليس في الدين بدعة مكروهة كراهة تنزيهية.
(٤) سيأتي تخريجه.

<<  <   >  >>