للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ثم قال: - والتباين في هذا يرجع إلى الحرف الذي ذكرناه، وهو إدراج الشيء المخصوص تحت العمومات، أو طلب دليل خاص على ذلك الشيء الخاص، وميل المالكية إلى هذا الثاني، وقد ورد عن السلف الصالح ما يؤيده في مواضع، ألا ترى أن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال في صلاة الضحى: «إنها بدعة» (١)؛ لأنه لم يثبت عنده فيها دليل، ولم ير إدراجها تحت عمومات الصلاة لتخصيصها بالوقت المخصوص، وكذلك قال في القنوت الذي كان يفعله الناس في عصره «إنه بدعة» (٢)، ولم ير إدراجه تحت عمومات الدعاء، وكذلك ما روى الترمذي من قول عبد الله بن مغفل لابنه في الجهر بالبسملة «إياك والحدث» (٣) ولم ير إدراجه تحت دليل عام، وكذلك ما جاء عن ابن مسعود -رضي الله عنه- فيما أخرجه الطبراني في معجمه (٤) بسنده عن قيس بن أبي حازم قال: «ذكر لابن مسعود قاص يجلس بالليل، ويقول للناس: قولوا كذا، وقولوا كذا، فقال: إذا رأيتموه فأخبروني، قال: فأخبروه، فأتاه ابن مسعود متقنعًا، فقال: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا عبد الله بن مسعود، تعلمون أنكم لأهدى من محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، يعني أو إنكم لمتعلقون بذنب ضلالة.

وفي رواية: «لقد جئتم ببدعة ظلماء، أو لقد فضلتم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- علمًا».


(١) أخرجه البخاري رقم (١٧٧٥)، ومسلم رقم (١٢٥٥).
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٣٠٢).
(٣) أخرجه الترمذي رقم (٢٤٤)، وابن ماجه رقم (٨١٥)، مسند أحمد (٣٤/ ١٧٥).
(٤) المعجم الكبير (٩/ ١٢٥).

<<  <   >  >>