للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الاضطراب بدا جليًّا مع الشاطبي حين قال: «وقد ألف الشاطبي -رحمه الله- كتابه الاعتصام حول موضوع البدعة، وتنازعه الفريقان، وادعى كل فريق أن الشاطبي -رحمه الله- معدود في فريقه» (١).

ولو كان ذا فهم وعلم لعلم أن كل العلماء يجوزون عبادات من غير دليل خاص، فيلزم من هذا أن يكونوا جميعًا موسعين - على اصطلاحه -، ولا يوجد علماء مضيقون - على اصطلاحه - إلا في ذهنه هو، ولأجل ما تقدم اضطر أن يجعل أبا شامة وابن كثير وابن رجب من الموسعين - كما تقدم -.

ثالثًا: أخطأ على العلماء الذين وصفهم بالموسعين وزعم أنهم يجوزون البدع الشرعية - أي عبادات لا دليل عليها -، وهذا جهل عليهم، فإن لهم كلامًا كثيرًا في تبديع كثير من الأفعال لمجرد عدم الدليل عليها، كما تقدم النقل عن أبي شامة والنووي، حتى إنه جعل العز بن عبد السلام من الموسعين مع أنه شديد في التبديع في العبادات العملية، حتى إنه جعل إيراد الشِّعر في خطبة الجمعة من البدع، فقال: «لا تذكر الأشعار في الخطبة، لأنه من أقبح البدع» (٢).

رابعًا: اضطرب في ضابط العلماء الموسعين والمضيقين، فمن الضوابط التي قررها: أن العلماء المضيقين يرون كل بدعة حرامًا، فقال: «أطلقت وصف المضيقين لمعنى البدعة على العلماء القائلين بأن للبدعة حكمًا واحدًا، وهو الحرمة، ويقابلهم الموسعون لمعنى البدعة، وهم الذين يرون أن البدعة منقسمة إلى الأحكام


(١) (ص ١٠١).
(٢) الفتاوى للعز بن عبد السلام (ص ٧٩).

<<  <   >  >>