للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخمسة: الوجوب، والاستحباب، والجواز، والكراهة، والحرمة، وهذان الوصفان لا يحملان مدحًا أو قدحًا، بل يصفان واقعًا» (١).

ولو كان ملتزمًا لهذا الضابط لما عدّ ابن رجب من العلماء الموسعين؛ لأن كلام ابن رجب صريح في أن كل بدعة ضلالة، ومثله ابن كثير، كما نقله هو في الكتاب نفسه (٢)، فلما أراد أن يخرج من هذا المأزق جعل ابن كثير وابن رجب من أصحاب المذهب الثالث الذي (٣) أقر فيما بعدُ أن خلافهم لفظي مع المذهب الأول - وهم الموسعون -، فهم - حقيقة - جميعًا من الموسعين عنده.

خامسًا: عنده خلط كبير في فهم مذهب من يسميهم بالمضيقين، فيفهم أن مقتضى قولهم: إن كل البدع ضلالة ومحرمة، أنهم لا يرون تجويز عبادات حادثة بضوابط شرعية تتوافق مع أصول الشريعة، فكأنه - على فهمه لمذهبهم - يُلزمهم أن يحرموا مكبرات الصوت للأذان وغيرها من المستجدات الحديثة التي اتخذت وسائلَ للعبادات، ويلزمهم أن لا يجوزوا التعبد بالعبادات التي جاءت في الأدلة على وجه الإطلاق والعموم، وهذا كله خطأ فادح ووهم جانح، يعرف بفهم ما تقدم ذكره من المقدمات والنقولات.

قال الكاتب: والخلاف بين الفريقين حقيقي وليس لفظيًّا، إذ إن الفريق الأول - أي الموسعين - لا يحكم على المحدثات بالبدعة والحرمة، لعدم ورودها في نصوص الشرع، بل يجتهد ويقيس وينظر، ثم يصدر الحكم الشرعي المناسب


(١) (ص ٢٦) في الحاشية.
(٢) (ص ٧٩).
(٣) (ص ٧٠).

<<  <   >  >>