للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لها، أما الفريق الثاني - أي المضيقون - فيرى أن كل محدثة في الدين بدعة ضلالة؛ لأنه ليس مما عهد في الصدر الأول» (١).

وقال في بيان مذهب الموسعين خلافًا للمضيقين: «خلاصة رأي الموسعين لمعنى البدعة: إن النصوص السابقة تفيد أن للبدعة معنيين: الأول منهما معنى في اللغة، وهو كل محدث أولًا على غير مثال سابق، والثاني منهما معنى في الشرع، وهو كل محدث يخالف أصول الشريعة وقواعدها ونصوصها، فالبدعة بالمعنى اللغوي تحتمل المدح والذم، وتشملها الأحكام الخمسة، والمقياس في ذلك الاجتهاد والبحث في دلالات نصوص الشريعة وإشاراتها حول هذه الحادثة، أوردها إلى مثيلاتها في الكتاب والسنة عن طريق القياس، وأما بالمعنى الشرعي فإنها مذمومة؛ لأنها تخالف أصول الشريعة وقواعدها، فإن كانت البدعة

- بالمعنى اللغوي - لا تخالف أصول الشريعة، فهي بدعة في اللغة وسنة (أو واجبة أو جائزة) في الشرع» (٢).

هذا الذي ينسبه للموسعين هو في الواقع قول من زعمهم مضيقين، وأن الخلاف بينهما لفظي من جهة، وهو - في نسبة ما لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته للبدعة، مع دلالة الدليل عليه، ودلالة القواعد الشرعية عليه بالضوابط - بدعةٌ لغوية، ومن جهة ثالثة قد يحصل اختلاف حقيقي أحيانًا في طريقة تنزيل الدليل على الوقائع، فمثلًا - بعيدًا عن تقسيمه العلماء إلى مضيق وموسع -: الاستدلال


(١) (ص ٧٠).
(٢) (ص ٨٧).

<<  <   >  >>