وضع ذلك الحوت بين اثنين فأكلا منه تحابّا ولا يحقد أحد على صاحبه، ويتآخيان أحسن الإخاء.
كلب الماء أبدا ذنبه على ظهره واقع مع انطباق والتواء، يرعى نبات الأرض، وهو شديد الجزع من النار، فإذا كان الليل خرج الصيادون بأيديهم شعل النار، فيأتون مجثمها، وتلك لا تتحرّك لجزعها من النار حتى تؤخذ، وإن كان منها ذكر لم يجامع أنثى قطّ، وإذا أرادت المجامعة فإنها تجتمع وتجلد فتفرخ.
وإن أخذ منها صياد بشبكة واحدا وثبت كلّها حتى تدخل الشبكة آبية فراق بعضها بعضا.
ومن لبس جوربا من جلودها وبه نقرس انتفع به جدا.
وإذا ابتلي إنسان برعاف ثم أخذ قطعة من جلدها، ثم انقعه في لبن واشتمّه انقطع ذلك الرّعاف.
اليرابيع إذا اجتمعت في موضع ارتفع رئيس لها حتى يكون في موضع مشرف أو على صخرة أو تلّ ينظر منه إلى الطريق من كل ناحية، فإن رأى أحدا مقبلا أو سبعا صرّ بأسنانه وصوّت، فإنه سمعته انصرفت عن الموضع إلى جحرتها فإذا أغفل ذلك وعاينت البقية سبعا أو راجلا قبل أن يراه ذلك الرئيس انصرفت إليه وقتلته لتضييعه أو غفلته.
وإذا كان حسن الرّصد مضت اليرابيع فقطعت أطرأ ما يكون من الخضرة وأطيب العشب فحملته بأفواهها حتى تأتيه تحية وتكرمة.
وإذا كانت في جحرتها خرج الرئيس أوّلا فيبصر الطريق، فإن لم ير أحدا صرّ بأسنانه وصوت لها لتخرج فترعى.
في البحر حوت يقال له: موفى، ضعيف الجسد، قليل القوة، إذا جاع خرج إلى الشاطئ فاستلقى على الرمل فأقام شوكة في رأسه، فإذا نظر إليه حوت آخر جاء مسرعا ليأكله يظن أنه ميت، فيدخل بطنه تلك الشوكة فيقتله بها ويأكله.
وإذا ألقى الملّاح صنارته ولقيت ذلك الحوت رمى مكانه بتلك الشوكة الحادّة يد الملّاح فتخدر ويطرح أداة صيده.
فإذا رأى الحوت أن الصّنارة داخلت أضلاعه غلبت الظلمة على بصره ومات من ساعته.
وفي جلد هذا الحوت عجب، وهو أن الصاعقة لا تدنو من جلده، والملّاحون يغطّون سفنهم به عند ما يتبيّنون الصواعق ووقوع المطر، ويدنو هذا الحوت إلى طرف مقدّم السفينة فيمسك بطرفه اللطيف، فلو اجتمعت الرياح كلها بأشد هبوبها لم تستطع تحريك تلك السفينة، فمن أخذ من جلدها وسمّر به شراع السفينة لم يخف على سفينته غرقا.