مقبولا، وكما قصدنا بالهزل الذي أفردنا فيه جزءا جماما للنّفس قصدنا بهذا الجزء الذي عطفنا عليه إصلاحا للنفس وتهذيبا للخلق، واقتداء بمن سبق إلى الخير واتّباعا لمن قصد النّصح، وشرف الإنسان موقوف على أن يكون فاتحا لباب من أبواب الخير على نفسه وعلى غيره، فإن لم يكن ذلك فلا أقلّ من أن يكون مقتفيا لأثر من كان فاتحا قبله، ومن تقاعس عن هذين الأمرين فهو الخاسر الذي جهل قيمة نفسه، وضلّ عن غاية حياته، وحرم التوفيق في إصابة رشده، والله المستعان.
قال ابن مسعود: لو عرفت البهائم ما عرفتم ما أكلتم سمينا.
وقال أبو هريرة: اللهم إني أسألك قلبا قارّا، ورزقا دارّا، وعملا سارّا.
وقال بعض السّلف: اللهمّ إنّي أسألك قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وبدنا صابرا.
وقال صالح بن مسمار: لا أدري أنعمته عليّ فيما بسط لي أفضل، أم نعمته فيما زوى عنّي، لأنّه فيما بسط لي أحياني، وفيما زوى عنّي حماني، نظر لي بما يزيد على نظري لنفسي، وآتاني من عنده أكثر ممّا عندي.
وقال الله عزّ وجلّ- لموسى- عليه السلام: حبّبني إلى عبادي. قال: وكيف أحبّبك؟ قال: ذكّرهم آلائي ونعمائي.
وقال شدّاد بن حكيم لبعض الواعظين: أيّ شيء تقول إذا جلست على المنبر؟
قال: أذكّرهم آلاء الله ليشكروا، وأذكّرهم جفاءهم ليتوبوا، وأخبرهم عن إبليس وأعوانه حتى يحذروا.
وقال بعض الصّالحين: مثل الدّنيا ونعيمها كخابية فيها سمّ وعلى رأسها عسل، فمن رغب في العسل سقي من السّمّ، ومثل شدّة الدنيا كمثل خابية مملوءة من العسل وعلى رأسها قطرات من سمّ، فمن صبر على أكلها بلغ إلى العسل.
جاء رجل إلى حاتم الزّاهد بنميمة، فقال: يا هذا أبطأت عني وجئت بثلاث جنايات، بغّضت إليّ الحبيب، وشغلت قلبي الفارغ، وأعلقت نفسك التّهمة، وأنت آمن.
وكان خالد بن صفوان يقول: قبول قول النّمام شرّ من النميمة، لأن النميمة دلالة، والقبول إجازة، وليس من دلّ على شيء كمن قبل وأجاز.
وقال ابن السماك الواعظ: يدرك النّمّام بنميمته ما لا يدرك الساحر بسحره.
وقال معمر: ما نزلت بعبد نازلة فكان مفزعه إلى الله إلّا فرّج الله عنه.
وقال عمر: ما أسأل الله الرزق وقد فرغ منه، ولكن أسئله أن يبارك لي فيه.
وقال مالك بن دينار: الجلوس مع الكلب خير من الجلوس مع رفيق سوء.
وقال أبو هريرة: تهادوا عباد الله يتجدّد في قلوبكم الودّ، وتذهب السّخيمة.