بالمستعجم، ولا أجنح إلى التّلفيق والتّلزيق، وكيف لا أفعل هذا ولي في قول الحقّ فيك مندوحة، وفي تقديم الصّدق على غيره كفاية، وفي نشر المطويّ من فضلك بلاغ؟ وإنّما يميل إلى الكذب من قعد به الصّدق، ويتيمّم بالصّعيد من فاته الماء، ويحلم بالمنى من عدم المتمنّى في اليقظة، فأمّا أنت وقد ألبسك الله رداء الفضل، وأطلعك من منبت كريم، ودرّجك من بيت ضخم، وآتاك الحكمة، وفتق لسانك بالبيان، وأترع صدرك بالعلم، وخلط أخلاقك بالدّماثة، وشهرك بالكرم، وخفّف عليك النّهوض بكلّ ما يكسبك الشكر من القريب والبعيد، وبكلّ ما يدّخر لك الأجر عند الصادر والوارد، حتّى صرت كهفا لأبناء الرّجاء، ومفزعا لك لبني الآمال، فبابك مغشيّ مزور، وفناؤك منتاب وخوانك محضور، وعلمك مقتبس، وجاهك مبذول، وضيفك محدّث، وكتبك مستعارة، وغداؤك حاضر، وعشاؤك معجّل، ووجهك مبسوط، وعفوك محمود، وجدّك مشكور، وكلّ أمرك قائم على النّهاية، وبالغ الغاية، والله يزيدك ويزيدنا بك، ولا يبتلينا بفقد ما ألفناه منك، بمنّه وجوده.