قيل لمكار: ما حدّ الشّبع؟ قال: والله ما أدري، ولكن أحبّ أن آكل ما مشى حماري من المنزل إلى المنزل.
قيل لجمّال: ما حدّ الشّبع؟ قال: أنا أواصل الأكل فما أعرف الحدّ، ولو كنت أنتهي لوصفت الحال فيه، أعني أني ساعة ألتّ الدقيق، وساعة أملّ الملّة، وساعة أثرد، وساعة آكل وساعة أشرب لبن اللّقاح؛ فليس لي فراغ فأدري أني بلغت من الشّبع، إلا أنني أعلم في الجملة أنّ الجوع عذاب وأنّ الأكل رحمة، وأنّ الرّحمة كلّما كانت أكثر، كان العبد إلى الله أقرب، والله عنه أرضى.
قال الوزير لمّا بلغت هذا الموضع من الجزء- وكنت أقرأ عليه-: ما أحسن ما اجتمع من هذه الأحاديث! هل بقي منها شيء؟ قلت: بقي منها جزء آخر.
قال: دعه لليلة أخرى وهات ملحة الوداع.
قلت: قيل لصوفيّ في جامع المدينة: ما تشتهي؟ قال: مائدة روحاء عليها جفنة رحّاء، فيها ثريدة صفراء، وقدر حمراء بيضاء.
قال: أبيت الآن ألّا تودّع إلّا بمثل ما تقدّم؟ وانصرفت.