وأنشد ابن الأعرابيّ:
أعددت للضّيف وللرّفيق ... والجار والصّاحب والصّديق
وللعيال الدّردق اللّصوق ... حمراء من معز أبي مرزوق
تلحس خدّ الحالب الرّفيق ... بليّن المسّ قليل الرّيق
كأنّ صوت شخبها الفتيق ... فحيح ضبّ حرب حنيق
في جحر ضاق أشدّ الضّيق
وأنشد أيضا:
هل لك في مقراة قيل نيّ ... وشكوة باردة النّسيّ
تخرج لحم الرّجل الضّويّ ... حتى تراه ناهد الثّديّ
وأنشد ابن حبيب:
نعم لقوح الصّبية الأصاغر ... شروبهم من حلب وحازر
حتى يروحوا سقّط المآزر ... وضع الفقاح نشّز الخواصر
وأنشد الآمديّ:
كأنّ في فيه حرابا شرّعا ... زرقا تفضّ البدن المدرّعا
لو عضّ ركنا وصفا تصدّعا
وقال محمد بن بشير:
لقلّ عارا إذا ضيف تضيّفني ... ما كان عندي إذا أعطيت مجهودي
فضل المقلّ إذا أعطاه مصطبرا ... ومكثر في الغنى سيّان في الجود
لا يعدم السائلون الخير أفعله ... إمّا نوالي وإمّا حسن مردودي
قال الأعرابيّ: نعم الغداء السّويق، إن أكلته على الجوع عصم، وإن أكلته على الشّبع هضم.
وقال العوّامي- وكان زوّارا لإخوانه في منازلهم-: العبوس بوس، والبشر بشرى، والحاجة تفتق الحيلة، والحيلة تشحذ الطّبيعة.
ورأيت الحنبلوني ينشد ابن آدم- وكان موسرا بخيلا-:
وما لامرئ طول الخلود وإنّما ... يخلّده حسن الثّناء فيخلد
فلا تدّخر زادا فتصبح ملجأ ... إليه وكله اليوم يخلفه الغد
وحكى لنا ابن أسادة قال: كان عندنا- يعني بأصفهان- رجل أعمى يطوف ويسأل، فأعطاه مرّة إنسان رغيفا، فدعا له وقال: أحسن الله إليك، وبارك عليك،