وجزاك خيرا، وردّ غربتك. فقال له الرّجل: ولم ذكرت الغربة في دعائك، وما علمك بالغربة؟ فقال: الآن لي هاهنا عشرون سنة ما ناولني أحد رغيفا صحيحا.
وقال آخر:
يرى جارهم فيهم نحيفا وضيفهم ... يجوع وقد باتوا ملاء المذاخر
وقال الكروّسيّ:
ولا يستوي الاثنان للضّيف: آنس ... كريم، وزاو بين عينيه قاطب
وأنشد:
طعامهم فوضى فضى في رحالهم ... ولا يحسنون السّرّ إلّا تناديا
وأنشد آخر:
يمان ولا يمون وكان شيخا ... شديد اللّقم هلقاما بطينا
العرب تقول: إذا شبعت الدّقيقة لحست الجليلة.
قال ابن سلّام: كان يخبز في مطبخ سليمان- عليه السلام- في كلّ يوم ستّمائة كرّ حنطة، ويذبح له في كلّ غداة ستّة آلاف ثور وعشرون شاة، وكان يطعم الناس ويجلس على مائدته بجانبه اليتامى والمساكين وأبناء السّبيل، ويقول لنفسه: مسكين بين مساكين.
ولما ورد تهامة وافى الحرم وذبح للبيت طول مقامه بمكة كلّ يوم خمسة آلاف ناقة وخمسة آلاف ثور وعشرين ألف شاة. وقال لمن حضر: إنّ هذا المكان سيخرج منه نبيّ صفته كذا وكذا.
وقال أعرابيّ:
وإذا خشيت من الفؤاد لجاجة ... فاضرب عليه بجرعة من رائب
وروى هشيم أنّ النبي- صلّى الله عليه وسلّم- قال: من كرم المرء أن يطيّب زاده في السّفر.
وقال ابن الأعرابيّ: يقال: جاء فلان ولقد لغط رباطه من الجوع والعطش.
وأنشد:
ربا الجوع في أونيه حتّى كأنّه ... جنيب به إنّ الجنيب جنيب
أي جاع حتى كأنّه يمشي في جانب متعقّفا «١» .
وقال أيضا: إنّ من شؤم الضّيف أن يغيب عن عشاء الحيّ، أي لا يدركه، فيريد إذا جاءهم أن يتكلّفوا له عشاء على حدة.