للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان يحيى بن أكثم يحبّ الجوذاب، فبلغه أنّ رجلا ممّن يحضر عنده يعيب الجوذاب، فقال يحيى: إن ثبت عندي هذا توقّفت عن شهادته، وحكمت عليه بضعف الحسّ وقلّة التّمييز، فبلغ الرّجل ذلك، فاحترس، فقال له يحيى يوما: ما قولك في الجوذاب؟ فقال: أشرف مأكل وأطيبه، سهل المدخل، لذيذ المطعم، جيّد الغذا، قليل الأذى. قال: أصبت، هكذا أريدك.

أبو صالح عن ابن عبّاس قال: ما من داخل إلّا وله حيرة، فابدءوه بالسّلام، وما من مدعوّ إلا وله حشمة، فابدءوه باليمين.

قال حمدان: قلت لجارية أردت شراءها- وكانت ناعمة البدن رطبة شطبة غضّة بضّة-: ما كان غذاؤك عند مولاك؟ قالت: المبطّن. قلت: وما المبطّن؟ قالت: الأرز الرّيّان من اللّبن، بالفالوذج الرّيّان من العسل، والخبيصة الرّيّانة من الدّهن والسكّر والزّعفران. قلت: حقّ لك.

وقال ابن الجصّاص الصّوفيّ: دخلت على أحمد بن روح الأهوازيّ فقال:

ما تقول في صفحة أرز مطبوخ، فيها نهر من سمن، على حافاتها كثبان من السّكّر المنخول، فدمعت عيني. فقال: مالك؟ قلت: أبكي شوقا إليه، جعلنا الله وإيّاك من الواردين عليه بالغوّاصة والرّدّادتين. فقال لي: ما الغوّاصة والردّادتان؟ قلت: الغّواصة الإبهام، والرّدّادتان: السّبّابة والوسطى. فقال:

أحسنت، بارك الله عليك.

شكا رجل إلى عمر الجوع فقال: أكذك وأنت تنثّ نثّ الحميت؟ أي ترشح كما يرشح الزّقّ.

وقال ابن سكّرة:

أطمعني في خروفكم خرفي ... فجئت مستعجلا ولم أقف

وجئت أرجو أطرافه فغدت ... في طرف والسّماك في طرف

وحذّروني من ذكر رزّته ... يا حرّ صدري لها ويا لهفي

عاينته والذي يفصّله ... والقلب منّي على شفا جرف

ما حلّ بي منك عند منصرفي ... ما كنت إلّا فريسة التّلف

ويقال: القانع غنيّ وإن جاع وعري، والحريص فقير وإن ملك الدنيا.

قيل لإبراهيم الخليل- عليه السّلام-: بأيّ شيء اتّخذك الله خليلا؟ قال: بأني ما خيّرت بين أمرين إلا اخترت الّذي لله، وما اهتممت لما تكفّل لي به، وما تغدّيت وما تعشّيت إلّا مع ضيف.

<<  <   >  >>