قال ابن الأعرابيّ: كان المحسّن الضبي شرها على الطعام، وكان دميما، فقال له زياد ذات يوم: كم عيالك؟ قال: تسع بنات ... قال: فأين هنّ منك. فقال: أنا أحسن منهنّ وهنّ آكل منّي، فضحك. وقال: جاز ما سألت لهنّ. وأمر له بأربعة آلاف درهم، فقال:
إذا كنت مرتاد الرّجال لنفعهم ... فناد زيادا أو أخا لزياد
يجبك امرؤ يعطي على الحمد ماله ... إذا ضنّ بالمعروف كلّ جواد
وقال سنان بن أبي حارثة:
ثمّة أطعم زادي غير مدّخر ... أهل المحلّة من جار ومن جادي
قد يعلم القوم إذ طال اغترابهم ... وأرملوا الزّاد أنّي منفد زادي
وقال السّفّاح بن بكر:
والمالئ الشّيزي لأضيافه ... كأنّها أعضاد حوض بقاع
لا يخرج الأضياف من بيته ... إلّا وهم منه رواء شباع
أورد أعرابيّ إبله، فأبى أهل الماء أن يجيزوه، وقالوا: إبلك كثيرة، فإن أوردت فشرط أن تقف بعيدا عن الماء وتسقي ما جاءك منها، ولا تحاجز بها، قال: أفعل، وأنشأ يقول:
ربّ طبيخ مرجل ملهوج ... يسلته القوم ولما ينضج
حشّ بشيء من ضرام العرفج
فانقضّت الإبل كلّها على الماء فشربت.
قال الشاعر:
شرب النّبيذ على الطعام قليله ... فيه الشّفاء وصحّة الأبدان
وإذا شربت كثيره فكثيره ... مزج عليك ركائب الشّيطان
فتكون بين الضاحكين كبومة ... عمياء بين جماعة الغربان
فاحذر بجهدك أن ترى كجنيبة ... بعد العشاء تقاد بالأرسان
قال حمزة المصنّف في بعض كتبه: قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لسلمان الفارسيّ: أن اتّخذ لنا سورا، أي طعام كطعام الوليمة، وهي فارسيّة.
قال شيخنا أبو سعيد السّيرافيّ: أخطأ هذا المتأوّل، وإنما أراد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أنّ سلمان اتّخذ لنا خندقا يوم الأحزاب، لأنّه حضّ على ذلك، وليس ذا من ذلك إلّا باللفظ.
وقال جعيفران الموسوس في وصف عصيدة:
وماء عصيدة حمراء تحكي ... إذا أبصرتها ماء الخلوق
تزلّ عن اللهاة تمرّ سهلا ... وتجري في العظام وفي العروق