تدير عيونا في جفون كأنّما ... حماليقها بيض وأحداقها نجل
كأنّ حباب الماء حول إنائها ... شذور ودرّ ليس بينهما فصل
توهّمتها في كأسها فكأنّما ... توهّمت شيئا ليس يدركه العقل
إذا اشتبكت رجلاي من سورة الكرى ... درجت إليها مثل ما يدرج الطّفل
وأنشدت لآخر:
وكم عائب للخمر لو أنّ أمّه ... تبول مداما لم يزل يستبيلها
ولآخر:
خليليّ لوماني على الخمر أو دعا ... فلن تجدا عندي على اللّوم مطمعا
وشبّا سنا نار لعلّ نديمنا ... بنجران أن يلقى سناها فيتبعا
فما راعنا إذ أوقدت فوق ربوة ... من الأرض إلّا راكبان قد أوضعا
فهشّا إلينا ثم قالا: ألا انعما ... مساء فقلنا: دام ذاك لنا معا
وأنشدت لآخر:
سقوني وقالوا لا تغنّ ولو سقوا ... جبال شمام ما سقوني لغنّت
وأنشدت أيضا:
الكأس لا تدري ولا الخمر ... من أيّ شيء عجّل السّكر
أسكرني من قبل شربي لها ... من دأبه الإعراض والهجر
قلت له والخمر في كأسه ... كأنّها في كفّه بدر
أنت لعمري الخمر يا سيّدي ... ليس الّذي سقّيتني الخمر
آخر:
تركت النبيذ لأهل النبيذ ... فخار لي الله في تركه
وقد كنت قدما به معجبا ... أروح وأغدو إلى سفكه
فقال: قد جرى هذا أيضا على التّمام. اختم مجلسنا بدعاء الصّوفيّة.
فقلت: سمعت ابن سمعون يدعو في الجامع في آخر مجلسه ويقول: اللهمّ اجعل قولنا موصولا بالعمل، وعملنا محقّقا للأمل، ولا تضايقنا فيما نتحوّل به، ونتقلّب لك فيه، وكنّف علينا بسترك، وسوّغنا برّك، وألهمنا شكرك، وخفّف على أفواهنا ذكرك، واخصصنا بعد ذلك بما هو أليق بذلك، اللهمّ اسمع واستجب وقرّب. وانصرفت.