وقال أبو سليمان: السّحر بالقول الأعمّ والرّسم المفيد على أربعة أضرب: سحر عقليّ، وهو ما بدر من الكلام المشتمل على غريب المعنى في أيّ فنّ كان، وسحر طبيعيّ، وهو ما يظهر من آثار الطبيعة في العناصر المتهيّئة والموادّ المستجيبة، وسحر صناعيّ، وهو ما يوجد بخفّة الحركات المباشرة، وتصريفها في الوجوه الخفيّة عن الأبصار المحدّقة، وسحر إلهي وهو ما يبدو من الأنفس الكريمة الطّاهرة باللّفظ مرّة، وبالفعل مرّة. وعرض كلّ واحد من هذه الضّروب واسع، وكلّ حذق ومهارة وبلوغ قاصية في كلّ أمر هو سحر، وصاحبه ساحر.
وقال المدائني: نظر ثابت بن عبد الله بن الزّبير إلى أهل الشام فشتمهم، فقال له سعيد بن عثمان بن عفّان: أتشتمهم لأنّهم قتلوا أباك؟ فقال: صدقت، ولكنّ المهاجرين والأنصار قتلوا أباك.
وقال عبد الملك بن مروان لثابت بن عبد الله بن الزّبير: أبوك كان أعلم بك حين شتمك، فقال: يا أمير المؤمنين، أتدري لم كان يشتمني؟ إني نهيته أن يقاتل بأهل مكة وأهل المدينة، فإنّ الله لا ينصره بهما، وقلت له، أمّا أهل مكّة فأخرجوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأخافوه، ثم جاؤوا إلى المدينة فأخرجهم منها وشرّدهم.- فعرّض بالحكم بن أبي العاص- وهو جدّ عبد الملك- وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نفاه.- وأمّا أهل المدينة فخذلوا عثمان حتّى قتل بينهم، لم يروا أن يدفعوا عنه. فقال له عبد الملك: لحاك الله.
وقال عبد الرّحمن بن خالد بن الوليد لمعاوية: أما والله لو كنت بمكة لعلمت، فقال معاوية: كنت أكون ابن أبي سفيان ينشقّ عني الأبطح، وكنت أنت ابن خالد منزلك أجياد، أعلاه مدرة، وأسفله عذرة.
وقال المدائنيّ: قال ابن الضحّاك بن قيس الفهريّ لهشام بن عبد الملك قبل أن يملك- وهو يومئذ غلام شابّ-: يا بن الخلائف، لم تطيل شعرك وقميصك؟ قال أكره أن أكون كما قال الشاعر:
قصير القميص فاحش عند بيته ... وشرّ غراس في قريش مركّبا
قال: وهذا الشعر لأبي خالد مروان بن الحكم، هجا به الضّحّاك بن قيس.
وحكى أيضا، قال: مرّ عطاء بن أبي صيفيّ بعبد الرّحمن بن حسّان بن ثابت وعطاء على فرس له، فقال له بعد الرحمن: يا عطاء، لو وجدت زمام زقّ الخمر