من الأنصار على معاوية. فقال معاوية: يا معشر الأنصار، لم تطلبون ما قبلي، فو الله لقد كنتم قليلا معي، كثيرا عليّ، ولقد قتلتم جندي يوم صفّين حتى رأيت المنايا تلظّى في أسنّتكم، وهجوتموني بأشدّ من وخز الأشافي حتى إذا أقام الله ما حاولتم ميله، قلتم: ارع فينا وصيّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، هيهات، «أبى الحقين العذرة»«١» ، فقال قيس:
نطلب ما قبلك بالإسلام الكافي به الله لا سواه، لا بما تمتّ به إليك الأحزاب، وأما عداؤنا لك فلو شئت كففنا عنك، وأما هجاؤنا إيّاك فقول يزول باطله، ويثبت حقّه، وأمّا قتلنا جندك يوم صفّين فإنا كنا مع رجل نرى أنّ طاعته طاعة الله، وأمّا استقامة الأمر لك فعلى كره كان منّا، وأمّا وصيّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فينا، فمن آمن به رعاها، وأما قولك «أبى الحقين العذرة» ، فليس دون الله يد تحجزك، فشأنك. فقام معاوية فدخل، وخرج قيس ومن كان معه.
وقال محمد بن خالد القرشيّ: دخل زفر بن الحارث الكلابيّ على عبد الملك بن مروان وعنده خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد وأميّة بن عبد الله بن خالد، فقال زفر: لو كان لعبد الله سخاء مصعب وكان لمصعب عبادة عبد الله لكانا ما شاء المتمنّي. فقال عبد الملك: ما كان سخاء مصعب إلا لعبا، ولا كانت عبادة عبد الله إلا عبثا، ولكن لو كان للضّحّاك بن قيس مثل رجال مروان لكانت قيس أربابا بالشّام، فقال زفر: لو كانت لمروان صحبة الضّحّاك لكان، فقال عبد الملك: والله ما أحبّ له مثل صحبته ومصرعه، فقال خالد: لولا أنّ أمير المؤمنين لا يبصر مرعى لما تركناك والكلام. فقال زفر: اربعا على أنفسكما ودعانا وخليفتنا واسحبا ذيولكما على خيانة خراسان وسجستان والبصرة.
وقال المدائنيّ: غاب مولى للزّبير عن المدينة حينا، فقال له رجل من قريش لمّا رجع: أما والله لقد أتيت قوما يبغضون طلعتك، وفارقت قوما لا يحبّون رجعتك. قال المولى: فلا أنعم الله ممّن قدمت عليه عينا، ولا أخلف الله على من فارقت بخير.
قال المدائنيّ: كان مرثد بن حوشب عند سليمان بن عبد الملك، فجرى بينه وبين أبيه كلام حتّى تسابّا، فقال له أبوه: والله ما أنت بابني، قال: والله لأنا أشبه بك منك بأبيك، ولأنت كنت أغير على أمّي من أبيك على أمّك. فقال له سليمان: قاتلك الله، إنّك لابنه.
وسابّ مرثد أخاه ثمامة، فقال له ثمامة: يا حلقيّ، فقال له مرثد: يا خبيث،