للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهم: أيتها الرسحاء. فقالت المرأة: يا بني نمير، والله ما أطعتم الله ولا أطعتم الشاعر، قال الله عزّ وجلّ: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ

[النور: ٣٠] . وقال الشاعر:

فغضّ الطّرف إنّك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا

وقال: مرّ الفرزدق بخالد بن صفوان بن الأهتم، فقال له خالد: يا أبا فراس، ما أنت الذي لمّا رأينه أكبرنه وقطّعن أيديهنّ، فقال له الفرزدق: ولا أنت الذي قالت الفتاة لأبيها فيه: يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ

[القصص: ٢٦] .

قال: ودخل يزيد بن مسلم على سليمان بن عبد الملك، وكان مصفرّا نحيفا، فقال سليمان: على رجل أجرّك رسنك وسلّطك على المسلمين لعنة الله. فقال: يا أمير المؤمنين إنّك رأيتني والأمر عنّي مدبر، فلو رأيتني وهو عليّ مقبل لاستعظمت منّي يومئذ ما استصغرت اليوم. قال: فأين الحجّاج؟ قال: يجيء يوم القيامة بين أبيك وأخيك، فضعه حيث شئت.

وقال عبّاد بن زياد: كنت عند عبد الملك بن مروان إذ أتاه أبو يوسف حاجبه، فقال: يا أمير المؤمنين، هذه بثينة. قال أبثينة جميل؟ قال: نعم، قال أدخلها، فدخلت امرأة أدماء طويلة يعلم أنّها كانت جميلة، فقال له: يا أبا يوسف ألق لها كرسيّا، فألقاه لها، فقال لها عبد الملك: ويحك ما رجا منك جميل، قالت: الذي رجت منك الأمّة حين ولّتك أمرها.

وقال سعيد بن عبد الرّحمن بن حسّان: إنّ رهطا من الأنصار دخلوا على معاوية، فقال: يا معشر الأنصار، قريش خير لكم منكم لهم، فإن يكن ذلك لقتلى أحد، فقد قتلتم يوم بدر مثلهم، وإن يكن لإمرة فو الله ما جعلتم لي إلى صلتكم سبيلا، خذلتم عثمان يوم الدار، وقتلتم أنصاره يوم الجمل، وصليتم بالأمر يوم صفّين. فتكلّم رجل منهم، فقال: يا أمير المؤمنين، أمّا قولك: «إن يكن لقتلى أحد» فإن قتيلنا شهيد وحيّنا تائق، وأمّا ذكرك الإمرة، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر بالصّبر عليها.

وأمّا قولك إنّا خذلنا عثمان، فإنّ الأمر في عثمان إلى قتلته، وأما قولك إنا قتلنا أنصاره يوم الجمل فذلك ما لا نعتذر منه، وأما قولك إنّا قتلنا فإنّما كنّا مع رجل لم نأله خبرا، فإن لمتنا فربّ ملوم لا ذنب له.

ثم قام وأصحابه يجرّ ثوبه مغضبا، فقال معاوية: ردّوهم، فردّوا فترضّاهم حتى رضوا، ثم انصرفوا. وأقبل معاوية على رهط من قريش، فقال: والله ما فرغ من منطقه حتى ضاق بي مجلسي.

قال سعيد بن عبد الرّحمن بن حسّان: دخل قيس بن سعد بن عبادة مع قوم

<<  <   >  >>