للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال عليّ بن عبد الله: شهدت الحجّاج خارجا من عند عبد الملك بن مروان، فقال له خالد بن يزيد بن معاوية: إلى متى تقتل أهل العراق يا أبا محمّد! فقال: إلى أن يكفّوا عن قولهم في أبيك: إنّه كان يشرب الخمر.

قال المدائنيّ: أسرت مزينة حسّان بن ثابت- وكان قد هجاهم- قال:

مزينة لا يرى فيها خطيب ... ولا فلج يطاف به خضيب

أناس تهلك الأحساب فيهم ... يرون التّيس يعدله الحبيب

فأتتهم الخزرج يفتدونه، فقالوا: نفاديه بتيس، فغضبوا وقاموا، فقال لهم حسّان: يا إخوتي خذوا أخاكم وادفعوا إليهم أخاهم.

وقال المدائنيّ: فرّق عمر بن الخطّاب بين منظور بن أبان وبين امرأته- وكان خلف عليها بعد أبيه- فتزوّجها طلحة بن عبد الله، فلقيه منظور، فقال له: كيف وجدت سؤري؟ فقال: كما وجدت سؤر أبيك. فأفحمه.

وقال حاطب بن أبي بلتعة: بعثني النبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إلى المقوقس ملك الإسكندرية، فأتيته بكتاب رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- وأبلغته رسالته، فضحك ثمّ قال: كتب إليّ صاحبك أن أتبعه على دينه، فما يمنعه- إن كان نبيّا- أن يدعو الله أن يسلّط عليّ البحر فيغرقني فيكتفي مؤونتي ويأخذ ملكي؟ قلت: فما صنع عيسى إذ أخذته اليهود فربطوه في حبل وحلقوا وسط رأسه، وجعلوا عليه إكليل شوك، وحملوا خشبته الّتي صلبوه عليها على عنقه، ثم أخرجوه وهو يبكي حتّى نصبوه على الخشبة، ثم طعنوه حيّا بحربة حتّى مات، هذا على زعمكم، فما منعه أن يسأل الله فينجيه ويهلكهم فيكفى مؤونتهم ويظهر هو وأصحابه عليهم؟ وما منع يحيى بن زكريّا حين سألت امرأة الملك الملك أن يقتله فقتله، وبعث برأسه إليها حتى وضع بين يديها، أن يسأل الله تعالى أن ينجيه ويهلك الناس؟ فأقبل على جلسائه وقال: إنّه والله لحكيم، وما يخرج الحكيم إلا من عند الحكماء.

قال المدائنيّ: أبطأ على رجل من أصحاب الجنيد بن عبد الرّحمن ما قبله- وهو على خراسان- وكان يقال للرجل: زامل بن عمرو من بني أسد بن خزيمة، فدخل على الجنيد يوما فقال: أصلح الله الأمير، قد طال انتظاري، فإن رأى الأمير أن يضرب لي موعدا أصير إليه فعل. فقال: موعدك الحشر، فخرج زامل متوجّها إلى أهله، ودخل على الجنيد بعد ذلك رجل من أصحابه فقال: أصلح الله الأمير:

أرحني بخير منك إن كنت فاعلا ... وإلّا فميعاد كميعاد زامل

قال: وما فعل زامل؟ قال: لحق بأهله. فأبرد الجنيد في أثره بريدا وبعث يعهده إلى الكورة التي يدرك بها، فأدرك بنيسابور، فنزلها.

<<  <   >  >>