تعوقهم عن ذكر شيء في الدولة من تلقائهم إلا أن يكون شيء يتعلّق بهم على معنى خاصّ، فهو ينود «١» هكذا وهكذا حتى يبلغ منهم ما قدر عليه.
فلما سمع الوزير هذا كلّه قال: سألقي إليك في جواب هذه المسألة ما تخدمني به إن لاقيتهم في مجلس آخر على وجه يخفي أنك له ملقّن محمّل كأنّك ساه عنه غير حافل به، وقد تقطّع الليل، ويحتاج في هذا الحديث إلى استئناف زمان، بعد استيفاء جمام.
ثم أنشدت قول الشاعر:
إني لأصفح عن قومي وألبسهم ... على الضغائن حتى تبرأ المئر
ثم قال: ما المئر؟ قلت: هي الضغائن التي ذكرها في حشو البيت، واحدها مئرة، كأنه أراد وألبسهم على الضغائن [حتى تبرأ الضغائن] فرجع من لفظ إلى لفظ ضرورة القافية لمّا كان معناهما واحدا، قال: لمن هذا البيت؟ قلت: لا أحفظ اسم شاعره، ولكن أحفظ معه أبياتا. قال: هاتها، فأنشدت أوّل ذلك:
يأيّها الرجل المزجي أذيّته ... هل أنت عن قولك العوراء مزدجر
إني إذا عدّ مبطاء إلى أمد ... لا يستطيع حضاري المقرف البطر
لاقى قناتي مصرارا عشوزنة «٢» ... لا قادح قد تبغّاها ولا خور
إني لأصفح عن قومي وألبسهم ... على الضغائن حتى تبرأ المئر
قال: اكتبها. قلت: أفعل، وانصرفت، فما أعاد عليّ بعد ذلك شيئا مما كان.