ويتلقى أقواله كذلك، فهذا معذور إذا لم يقدر على غير ذلك.
وأما إذا قدر على الوصول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعرف أن غير من اتبعه أولى به مطلقا أو في بعض الأمور كمسألة معينة ولم يلتفت إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلّم ولا إلى من هو أولى به فهذا يخاف عليه. وكل ما يتعلل به من عدم العلم أو عدم الفهم أو عدم إعطاء آلة الفقه في الدين أو الاحتجاج بالأشباه والنظائر أو بأن ذلك المتقدم كان أعلم منى بمراده صلى الله عليه وسلّم فهى كلها تعللات لا تفيد.
هذا مع الإقرار بجواز الخطأ على غير المعصوم إلا أن ينازع في هذه القاعدة فتسقط مكالمته، وهذا هو داخل تحت الوعيد، فإن استحل مع ذلك ثلب من خالفه وقرض عرضه ودينه بأسنانه وانتقل من هذا إلى عقوبته أو السعى في أذاه، فهو من الظلمة المعتدين ونواب المفسدين «١» .
[قواعد العبادة:]
واعلم أن العبادة أربع قواعد، وهي التحقق بما يحب الله ورسوله ويرضاه، وقيام ذلك بالقلب واللسان والجوارح. فالعبودية اسم جامع لهذه المراتب الأربع.
فأصحاب العبادة حقا هم أصحابها، فقول القلب: هو اعتقاد ما أخبر الله تعالى عن نفسه وأخبر رسوله عن ربه من أسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته ولقائه وما أشبه ذلك. وقول اللسان: الإخبار عنه بذلك والدعاء إليه والذاب عنه وتبيين بطلان البدع المخالفة له والقيام بذكره تعالى وتبليغ أمره. وعمل القلب كالمحبة له والتوكل عليه والإنابة والخوف والرجاء والإخلاص والصبر على أوامره ونواهيه وإقراره والرضاء به وله وعنه والموالاة فيه والمعاداة فيه والإخبات إليه والطمأنينة به ونحو ذلك من أعمال القلوب التى فرضها آكد من فرض أعمال الجوارح، ومستحبها أحب إلى الله تعالى من مستحب أعمال الجوارح «٢» .
وأما أعمال الجوارح فكالصلاة والجهاد ونقل الأقدام إلى الجماعة والجماعات ومساعدة العاجز والإحسان إلى الخلق ونحو ذلك.