للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والغدران «١» ، وفيها منافذ وخلجان تجرى بعضها إلى بعض دائما، والرياح والغيوم والأمطار لا تنقطع منها أبدا ألا أن البقاع تختلف شرقا وغربا وجنوبا وشمالا في الليل والنهار والصيف والشتاء، والمعادن والنبات والحيوان أبدا في الكون والفساد، فما في الأرض موضع إلا وهناك معدن أو نبات أو حيوان بحسب اختلاف صورتها ومزاجها وأجناسها وألوانها وأنواعها، لا يعلم تفصيلها إلا الله خالقها لا إله إلا هو.

[فصل: الأجسام المتولدة]

إما نامية أو غير نامية، والنامية إما أن تكون لها قوة الحس والحركة أو لا، فالتى لها الحس والحركة هى الحيوان، والتى لا حس لها ولا حركة فهى النبات «٢» وغير النامية فهى المعادن، وأول ما تستحيل إليه الأركان الأبخرة والعصارات، فالبخار ما يصعد من لطيف مياه البحار والآبار والآجام بواسطة تسخين الشمس، والعصارات ما يمكث في بطن الأرض من مياه الأرض ويختلط بالأجزاء الأرضية فيغلظ وتنضجها الحرارة المختنقة في عمق الأرض فتصيرها مادة للمعادن والنبات والحيوان، وأول مراتب الكائنات تراب وآخرها نفس ملكية «٣» .

فالمعادن أولها متصل بالتراب وآخرها متصل بالنبات، والنبات أوله متصل بالنبات وآخره متصل بالإنسان، والإنسان أوله متصل بالحيوان وآخره متصل بالملائكة.

وبيان ذلك: أن أول المعادن الجص والملح مما يلى التراب، فهو تراب رملى حصل له بلل من الأمطار فانعقد وصار حصى، والملح مما يلى الماء وهو ما امتزج باخرا سبخة من الأرض فانعقد ملحا.

وآخر المعادن مما يلى الكمأة «٤» وهى تتكون في التراب كالمعدن وتنبت في

<<  <   >  >>