القولين «١» أنهم يعدلون به غيره في العبادة فيسوون بينه وبين غيره في الحب والعبادة، وكذلك قول المشركين في النار لأصنامهم تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ
«٢» ومعلوم قطعا أن هذه التسوية لم تكن بينهم وبين الله في كونه ربهم وخالقهم، فإنهم كانوا كما أخبر الله عنهم مقرين بأن الله تعالى وحده هو ربهم وخالقهم، وأن الأرض ومن فيها له وحده، وأنه رب السموات السبع ورب العرش العظيم، وأنه سبحانه هو الذى بيده ملكوت كل شىء وهو يجير ولا يجار عليه، وإنما كانت هذه التسوية بينهم وبين الله تعالى في المحبة والعبادة «٣» .
[«صرف العبادة إلى غير الله شرك أكبر» :]
فمن أحب غير الله تعالى وخافه ورجاه وذلّ له كما يحب الله ويخافه ويرجوه فهذا هو الشرك الذى لا يغفره الله، فكيف بمن كان غير الله آثر عنده وأحب إليه وأخوف عنده، وهو في مرضاته أشد سعيا منه في مرضاة الله، فإذا كان المسوى بين الله وبين غيره في ذلك مشركا، فما الظن بهذا؟ فعياذا بالله من أن ينسلخ القلب من التوحيد والإسلام كانسلاخ الحية من قشرها، وهو يظن أنه مسلم موحد فهذا أحد أنواع الشرك.
[«كثرة الأدلة على توحيده تعالى» :]
والأدلة الدالة على أنه تعالى يجب أن يكون وحده هو المألوه يبطل هذا الشرك ويدحض حجج أهله، وهو أكثر من أن يحيط به إلا الله، بل كل ما خلقه الله تعالى فهو آية شاهدة بتوحيده، وكذلك كل ما أمر به فخلقه وأمره، وما فطر عليه عباده وركبه فيهم من العقول شاهد بأن الله الذى لا إله إلا هو، وأن كل شىء معبود سواه باطل، وأنه هو الحق المبين تقدس وتعالى.