قال:«إن أخنع الأسماء عند الله رجل تسمى بشاهان شاه ملك الملوك لا مالك إلا الله»«١» وفي لفظ «أغيظ رجل عند الله رجل تسمى ملك الأملاك»«٢» . وبالجملة فالتشبيه والتشبه هو حقيقة الشرك؛ ولذلك كان من ظن أنه إذا تقرب إلى غيره بعبادة ما يقربه ذلك الغير إليه فإنه يخطئ لكونه شبهه به، وأخذ ما لا ينبغى أن يكون إلّا له، فالشرك منحه سبحانه وتعالى حقه، فهذا قبيح عقلا وشرعا؛ ولذلك لم يشرع ولم يغفر لفاعله واعلمه.
[سوء ظن المعتقدين في الوسائط:]
واعلم أن الذى ظن أن الرب سبحانه وتعالى لا يسمع له أو لا يستجيب له إلا بواسطة تطلعه على ذلك أو تسأل ذلك منه فقد ظن بالله ظن السوء، فإنه إن ظن أنه لا يعلم أو لا يسمع إلا بإعلام غيره له وإسماعه فذلك نفى لعلم الله وسمعه وكمال إدراكه، وكفى بذلك ذنبا. وإن ظن أنه يسمع ويرى ولكن يحتاج إلى من يلينه ويعطفه عليهم فقد أساء الظن بأفضال ربه وبره وإحسانه وسعة جوده.
وبالجملة فأعظم الذنوب عند الله إساءة الظن به، ولهذا يتوعدهم في كتابه على إساءة الظن به أعظم وعيد، كما قال الله تعالى: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً
«٣» ، وقال تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام: أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ. فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ
«٤» أى فما ظنكم أن يجازيكم إذا عبدتم معه غيره، وظننتم أنه يحتاج في الاطلاع على ضرورات عباده لمن يكون بابا للحوائج إليه ونحو ذلك.
[عدم حاجته تعالى إلى الوسائط:]
وهذا بخلاف الملوك فإنهم محتاجون إلى الوسائط ضرورة لحاجتهم وعجزهم