وكذا الفيل «١» فإنه يفهم الخطاب ويمتثل الأمر والنهى كأنه إنسان عاقل، وآخر مرتبة الحيوان الإنسان، وهو طبقتان أدناها يلى الحيوان وهم الذين لا يعلمون سوى المحسوسات ولا يرغبون إلا في زينة الحياة الدنيا ولذاتها من الأكل والشرب والنكاح.
قال الله تعالى فيهم: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا
«٢» .
فهم يرتقون كالخنازير والحمر «٣» ويدّخرون ما يحتاجون إليه كالنمل، ويقتتلون ويتخاصمون على حطام الدنيا كما يتشاجر «٤» الكلاب على الجيف، فهؤلاء وإن كانت صورهم صور الإنسان، فإن أفعال نفوسهم أفعال حيوانية، وأعلى مراتبها الإنسانية تلى الملائكة وهى مرتبة الذين انتبهت نفوسهم من نوم الغفلة، وانفتحت أعين بصائرهم حتى رأت بنور قلوبها ما غاب عن حواسها وشاهدت بصفاء جواهرها عالم الأرواح الملكية وتبين لها سرورهم ونعيمهم فرغبت فيه وزهدت زخرف الدنيا الفانية وأقبلت على تحصيل الآخرة فهم من أصناف الملائكة مع خلطتهم لأبناء جنسهم من الآدميين.
[فصل في أقسام المعادن]
اعلم أن الأجسام المتولدة من الأبخرة والأدخنة المحتبسة في الأرض إذا اختلطت على من دب من الاختلاطات مختلطة في الكم والكيف، كانت إما قوية التركيب أو ضعيفة التركيب، والقوية التركيب: إما متطرفة، أو غير متطرفة هى الأجساد السبعة التى يقال لها: الفلزات «٥» ، وهى الذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد والأسرب والخارصينى «٦» .
وغير المتطرفة إما في غاية اللين أو غاية الصلابة، فالتى في غاية اللين كالزئبق، والتى في غاية الصلابة كاليواقيت، وهى إما تنحل بالرطوبات وهى الأجسام الملحية