وقيل: إن المثقال منذ وضع لم يختلف في جاهلية ولا إسلام، ويقال: إن الذى اخترع الوزن في الدهر الأول، بدأه بوضع المثقال أولا فجعله ستين حبة، زنة الحبة مائة من حب الخردل البرى المعتدل، ثم ضرب صنجة «١» بزنة مائة من حب الخردل، وجعل بوزنها مع المائة الحبة صنجة ثالثة، حتى بلغ مجموع الصنج خمس صنجات، فكانت صنجته نصف سدس مثقال ثم أضعف وزنها حتى صارت ثلث مثقال فركب منها نصف مثقال، ثم مثقالا وعشرة وفوق ذلك، فعلى هذا تكون زنة المثقال الواحد ستة آلاف حبة.
ولما بعث الله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلّم أقرّ أهل مكة على ذلك كله وقال:«الميزان ميزان أهل مكة» وفي رواية «ميزان المدينة» وقد ذكرت طرق هذا الحديث والكلام عليه في مجاميعى.
وفرض رسول الله صلى الله عليه وسلّم زكاة الأموال، فجعل في كل خمس أواق من الفضة الخالصة التى لم تغشّ خمسة دراهم وهى النواة، وفرض في كل عشرين دينارا نصف دينار، كما هو معروف في مظنّته من كتب الحديث.
[النقود الإسلامية]
قد تقدم ما فرضه رسول الله صلى الله عليه وسلّم في نقود الجاهلية من الزكاة وأنه أقر النقود فى الإسلام على ما كانت عليه، فلما استخلف أبو بكر الصديق رضى الله عنه، عمل في ذلك بسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولم يغيّر منه شىء، حتى إذا استخلف أمير المؤمنين أبو حفص عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وفتح الله على يديه مصر والشام والعراق لم يعترض لشىء من النقود بل أقرها على حالها.
فلما كانت سنة ثمانى عشرة من الهجرة وهى السنة الثامنة من خلافته أتته الوفود، منهم: وفد البصرة، وفيهم الأحنف بن قيس، فكلم عمر بن الخطاب رضى الله عنه في مصالح أهل البصرة، فبعث معقل بن يسار فاحتقر «نهر معقل» الذى قيل فيه: «إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل» .