منهم من يعبد أجزاء سماوية. ومنهم من يعبد أجزاء أرضية، ومن هؤلاء من يزعم أن معبوده أكبر الآلهة، ومنهم من يزعم أن إلهه من جملة الآلهة.
ومنهم من يزعم أنه إذا خصه بعبادته والتبتل إليه أقبل إليه واعتنى به، ومنهم من يزعم أن معبوده الأدنى يقربه إلى الأعلى الفوقانى، والفوقانى يقربه إلى من هو فوقه حتى تقربه تلك الآلهة إلى الله سبحانه وتعالى، فتارة تكثر الوسائط، وتارة تقل.
[حقيقة الشرك:]
فإذا عرفت هذه الطوائف وعرفت اشتداد نكير الرسول صلى الله عليه وسلّم على من أشرك به تعالى في الأفعال والأقوال والإرادات- كما تقدم ذكره- انفتح لك باب الجواب عن السؤال، فنقول: اعلم أن حقيقة الشرك تشبيه الخالق بالمخلوق في خصائص الإلهية، وهى التفرد بملك الضر والنفع والعطاء والمنع، فمن علق ذلك بمخلوق فقد شبهه بالخالق تعالى وسوى بين التراب ورب الأرباب، فأى فجور وذنب أعظم من هذا، واعلم أن من خصائص الإلهية الكمال المطلق من جميع الوجوه الذى لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وذلك بموجب أن تكون العبادة له وحده عقلا وشرعا وفطرة، فمن جعل ذلك لغيره فقد شبه الغير بمن لا شبيه له، ولشدة قبحه وتضمنه غاية الظلم أخبر من كتب على نفسه أنه لا يغفره أبدا.
[صرف العبادات إلى غير الله من التشبيه له بخلقه]
ومن خصائص الإلهية: العبودية التى لا تقوم إلا على ساق الحب والذل، فمن أعطاهما لغيره فقد شبه بالله سبحانه وتعالى في خالص حقه، وقبح هذا مستقر في العقول والفكر، ولكن لما غيرت الشياطين فطر أكثر الخلق و [اجتالتهم] عن دينهم وأمرتهم أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا كما روى ذلك عن الله «١» أعرف الخلق به وبخلقه، عموا عن قبح الشرك حتى ظنوه حسنا.
ومن خصائص الإلهية: السجود، فمن سجد لغيره فقد شبه به. ومنها:
التوكل، فمن توكل على غيره فقد شبهه به. ومنها: التوبة، فمن تاب لغيره فقد