أى خلق سبحانه وتعالى في أنفس النّحل ابتداء من غير سبب ظاهر قوة بها تدرك منافعها، وتجتنب مضارّها، وتحسن تدبير معاشها، لم يدر مخلوق ما تلك القوة، وإن شارك النّحل فيها كثير من الحيوان، فإنّ لها عليهم مزيّة اختصاص بأنه تعالى عبّر عن إلهامها بالوحى تشريفا لها بخلاف غيرها، فإنّه تعالى قال: وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها. فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها
«٢» .
وقال ... رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى
«٣» فدخلت النّحلة في هذا العموم، وامتازت بأن صارت مما أوحى الله سبحانه وتعالى إليها، وأثنى عليها، فعلمت مساقط الأنوار من وراء البيداء، فتقع هناك بروضة عبقة، وزهرة أنقة، ثم يصدر عنها ما تحفظه رضابا وتلفظه شرابا.
وقال الزجّاج «٤» : «سمّيت نحلا؛ لأن الله تعالى نحل الناس العسل الذى يخرج منها، إذ النّحلة: العطية»«٥» .
وذكر في كتاب «عجائب المخلوقات»«٦» : «إنّ يوم عيد الفطر يقال له: يوم الرحمة؛ إذ فيه أوحى ربك إلى النحل صنعه» .