للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا قدره حق قدره من زعم أنه لا يحيى الموتى ولا يبعث من في القبور ليبين لعباده الذى كانوا فيه يختلفون وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين.

[عبادة غير الله عبادة للشيطان:]

وبالجملة فهذا باب واسع، والمقصود أن كل من عبد مع الله غيره فإنما عبد شيطانا قال تعالى: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ

«١» فما عبد أحد من بنى آدم كائنا من كان إلا وقد وقعت عبادته للشيطان فيستمتع العابد بالمعبود في حصول غرضه، ويستمتع المعبود بالعابد في تعظيمه له وإشراكه مع الله تعالى، وذلك غاية رضا الشيطان؛ ولهذا قال تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ

أى من إغوائهم وإضلالهم وقال: وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ

«٢» فهذه إشارة لطيفة إلى السر الذى لأجله كان الشرك أكبر الكبائر عند الله، وأنه لا يغفره بغير التوبة منه، وأنه موجب للخلود في العذاب، وأنه ليس تحريمه قبحه بمجرد النهى عنه فقط، بل يستحيل على الله سبحانه وتعالى أن يشرع لعباده عبادة إله غيره، كما يستحيل عليه ما يناقض أوصاف كماله ونعوت جلاله.

[مراتب الناس في عبادة الله:]

واعلم أن الناس في عبادة الله تعالى والاستعانة به أقسام، أجلها وأفضلها أهل العبادة والاستعانة بالله عليها، فعبادة الله غاية مرادهم، وطلبهم منه أن يعينهم عليها ويوفقهم للقيام بها نهاية مقصودهم؛ ولهذا كان أفضل ما يسأل الرب تعالى الإعانة على مرضاته، وهو الذى علمه النبى صلى الله عليه وسلّم لمعاذ بن جبل فقال: «يا معاذ، والله إنى أحبك، فلا تدع أن تقول في دبر كل صلاة: اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» «٣» ، فأنفع الدعاء طلب العون على مرضاته تعالى «٤» .

<<  <   >  >>