للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بينها، فمنها ما يبنى بالشّمع، ومنها ما يأتى بالعسل، ويمجّه في أبيات الشّهد، ومنها ما يأتى بالماء فيمدّ العسل به.

وهى في ألوانها ثلاثة أصناف: غبر وهى أصغرها، وسود وهى أوسطها، وصفر وهى أعظمها.

والنحل والنّمل: أكسب الحيوان كلّه، وأدأبه على عمله. والنحلة الكريمة تكون صغيرة مستديرة مختلفة اللّون؛ والنّحل المستطيل غير كريم، ولا عمول، ولا متقن لما يعمل؛ والنحل الصّغار يخرج تلك الطوال من أبياتها، وتطردها؛ وإذا قويت النّحل على ذلك فهو منتهى كرم النّحل.

والنحل الصّغير عمّال، وهى سود الألوان كأنها محترقة.

فأما النحل الصّافى النقى فإنها تشبّه بالنساء البّطالات التى لا تعتملن؛ والنحل تخرج ما كان بطّالا، وما لا يشفق على العسل.

والنحل التى تسرح في الجبال أصغر من نحل السّهل، وأكثر عملا، وقد جعل الله تعالى في النحل: الملك المطاع، يقال له: اليعسوب «١» ، يتوارث الملك عن آبائه وأجداده، لأن اليعاسيب لا تلد إلا اليعاسيب.

فاليعاسيب هى ملوكها، وقاداتها، وعليها تأتلف «٢» النّحل، وتستقيم أمورها، وتنتقل حيث انتقل، وتقيم حيث يقيم، فاليعسوب فيها كالأمير المطاع.

ومن العجب: أنّ اليعسوب لا يخرج من الكور «٣» ، ولا يذهب لرعى؛ لأنه إن خرج خرج معه جميع النّحل، فيقف العمل؛ ومتى عجز الواحد منها عن الطيران حملته النحل حملا.

وإن هلك يعسوب الخلية، أقامت النحل بعده متعطلة لا تبنى ولا تعسل،

<<  <   >  >>