فتجعله في نخاريب الشّهد مكان العسل، ولا تكثر النحل منه إلا في السّنة المجدبة، وأكثر ما تأتى بالعكبر من السّدر «١» ، والناس يأكلونه كما يؤكل الخبز فيشبع، ويحملونه في المزاود «٢» إذا سافروا، وهو مفسد للعسل؛ والنّحل تأكله إذا لم تجد غيره.
والنحل تشرب من الماء ما كان صافيا عذبا، وتطلبه حيث كان، ولا يأكل من العسل إلا قدر شبعه، فإذا قل العسل في الخلية قرنه بالماء ليكثر؛ خوفا على نفسه من نفاده.
وللنحل نجو «٣» ، وأكثر ما تقذف إذا كانت تطير في دفعات؛ لأن في زبلها نتنا، وهى تكره النتن؛ فإذا أنجت في الخلية أنجت في موضع معتزل لا يختلط ببنيانها، ولا يفسد من عسلها شيئا.
وإذا امتلأت نخاريب الشهد عسلا ختمتها، وتختم أيضا ما يكون فيه فراخها من النخاريب بأرقّ الشمع.
والختم: أن تسدّ أفواه النخاريب بشمع رقيق، ليكون الشمع محيطا بالعسل فى كل وجه، وربما لطّخ الختام- بعد الفراغ منه- بشىء أسود شديد السّواد، حريف الرّيح، شبيه بالشمع، وهو من الأدوية الكبار للضّرب «٤» ، والجروح، ويسمى بالفارسية:«مياى» ، وهو عزيز قليل.
ومن خاصيته أنه يجذب الشوك والنصول، ويقال: من استصحبه أورثه الغم، ومنعه الاحتلام.
والنحل تحسّ بالبرد والمطر، وعلامة ذلك لزومها الخليّة. وفي لطف إحساس كثير من الحيوان عجب عجيب، وإن في ذلك لعبرة لأولى الألباب، فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ