للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلاحه إلّا بحمى أنفاسها» «١» .

وقد صنع بعض قدماء الفلاسفة بيتا من زجاج ليرى كيف تصنع النحلة العسل، وتضعه في بيوته من الشمع، بعد ما أدخلها في البيت؛ فلطّخت النحلة باطن الزّجاج بطين حتى لم يرها.

وقال تعالى: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها

؛ لأن استحالة الأطعمة لا تكون إلا في البطن.

ثم عدّد تعالى أنواع العسل الذى أنعم به على عباده، فقال: مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ

يعنى من الأحمر، والأبيض، والجامد، والسائل؛ ليتذكروا قدرته سبحانه على الإيجاد والاختراع، فإن الأصل واحد، وما يكون عنه مختلف بسبب وقوع تنوّع غذائه، كما قد اختلف أيضا طعمه بحسب مراعى النّحل. ثم وصف تعالى هذا الخارج من النّحل بصفة شريفة، وهى (الشفاء) الذى أودعه فيه، فقال تعالى:

فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ

، والجمهور على أن الضّمير عائد إلى العسل. واحتج من ذهب إلى ذلك، بأن مساق الكلام للعسل، وبقوله صلى الله عليه وسلّم: «صدق الله وكذب بطن أخيك» «٢» يريد عليه الصلاة والسلام قوله تعالى: ... يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ ...

، وهو العسل؛ وهذا تصريح منه- عليه الصلاة والسلام- بأن الضمير في قوله تعالى: فِيهِ شِفاءٌ

يعود إلى الشراب الذى هو العسل، وهو الصحيح «٣» . وبه قال عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس،

<<  <   >  >>