ومن أعجب ما شاهدناه في يوم الاثنين المذكور أن صعد بعض من الشيبيين أثناء ذلك الزحام يرومون الدخول الى البيت الكريم فلم يقدروا على التخلص فتعلقوا بأستار حافتي عضادتي الباب ثم ان احدهم تمسك بإحدى الشرائط القنبية الممسكة للأستار الى أن علا الرءوس والأعناق فوطئها ودخل البيت، فلم يجد موطئا لقدمه سواها لشدة تراصهم وتراكمهم وانضمام بعضهم الى بعض. وهذا الجمع الذي وصل منهم في هذا العام لم يعهد قط مثله فيما سلف من الأعوام، ولله القدرة المعجزة، لا اله سواه.
وفي هذا اليوم المذكور الذي هو السابع والعشرون من ذي القعدة شمرت أستار الكعبة المقدسة الى نحو قامة ونصف من الجدر من الجوانب الأربعة، ويسمون ذلك احراما لها، فيقولون: أحرمت الكعبة. وبهذا جرت العادة دائما في الوقت المذكور من الشهر. ولا تفتح من حين احرامها الا بعد الوقفة.
فكأن ذلك التشمير ايذان بالتشمير للسفر وايذان بقرب وقت وداعها المنتظر، لا جعله الله آخر وداع، وقضى لنا اليها بالعودة وتيسير سبيل الاستطاعة بعزته وقدرته.
وفي يوم الجمعة الرابع والعشرين قبل هذا اليوم المذكور كان دخولنا الى البيت الكريم على حال اختلاس وانتهاز فرصة أوجدت بعض فرجة من الزحام، فدخلناه دخول وداع اذ لا يتمكن دخوله بعد ذلك لترادف الناس عليه ولا سيما الاعاجم الواصلون مع الأمير العراقي، فانهم يظهرون من التهافت عليه والبدار اليه والازدحام فيه ما ينسي أحوال السرو اليمنيين لفظاظتهم وغلظتهم، فلا يتمكن لاحد منهم النظر فضلا عن غير ذلك، والله عز وجل لا يجعله آخر العهد ببيته الكريم ويرزقنا العود اليه على خير وعافية بمنه ولطيف صنعه.
وفي يوم احرام الكعبة المذكور اقلعت من موضع المقام المقدس القبة الخشبيه التي كانت عليه ووضعت عوضها قبة الحديد اعدادا للاعاجم المذكورين، لانها