الحجارة، وعليه مدينة رستن التي خرّبها عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.
وآثارها عظيمة. ويذكر الروم القسطنطينيون أن بها أموالا جمة مكنوزة، والله أعلم بذلك، فوصلنا الى مدينة حمص مع شروق الشمس من يوم الأحد الموفي عشرين لربيع الأول، وهو أول يوليه، فنزلنا بظاهرها بخان السبيل.
[مدينة حمص]
هي فسيحة الساحة، مستطيلة المساحة، نزهة لعين مبصرها من النظافة والملاحة، موضوعة في بسيط من الأرض عريض مداه، لا يخترقه النسيم بمسراه، يكاد البصر يقف دون منتهاه، أفيح أغبر، لا ماء ولا شجر، ولا ظل ولا ثمر، فهي تشتكي ظماءها، وتستقي على البعد ماءها، فيجلب لها من نهيرها العاصي، وهو منها بنحو مسافة الميل، وعليه طرة بساتين تجتلي العين خضرتها، وتستغرب نضرتها، ومنبعه في مغارة يصفح جبل فوقها بمرحلة بموضع يقابل بعلبك، أعادها الله، وهي عن يمين الطريق الى دمشق.
وأهل هذه البلدة موصوفون بالنجدة والتمرس بالعدو لمجاورتهم اياه، وبعدهم في ذلك أهل حلب. فأحمد خلال هذه البلدة هواؤها الرطب، ونسيمها الميمون تخفيفه وتجسيمه، فكأن الهواء النجدي في الصحة شقيقه وقسيمه.
وبقبلي هذه المدينة قلعة حصينة منيعة، عاصية غير مطيعة، قد تميّزت وانحازت بموضوعها عنها. وبشرقيها جبانة فيها قبر خالد بن الوليد، رضي الله عنه، هو سيف الله المسلول، ومعه قبر ابنه عبد الرحمن، وقبر عبيد الله بن عمر، رضي الله عنهم. وأسوار هذه المدينة غاية في العتاقة والوثاقة، مرصوص بناؤها بالحجارة الصم السود، وابوابها أبواب حديد، سامية الإشراف، هائلة المنظر، رائعة الإطلال والأناقة تكتنفها الأبراج المشيدة الحصينة. وأما داخلها فما شئت من بادية شعثاء، خلقة الأرجاء، ملفقة البناء، لا اشراق لآفاقها، ولا رونق