وفي يوم الأربعاء المذكور أجزنا القسم الثاني من النيل في مركب تعدية أيضا بموضع يعرف بدجوة، وذلك وقت الغداة الصغرى، وكان نزولنا في مصر بفندق أبي الثناء في زقاق القناديل بمقربة من جامع عمرو بن العاص، رضي الله عنه، في حجرة كبيرة على باب الفندق المذكور.
[ذكر مصر والقاهرة]
فأول ما نبدأ بذكره منها الآثار والمشاهد المباركة التي ببركتها يمسكها الله عزّ وجلّ:
فمن ذلك المشهد العظيم الشأن الذي بمدينة القاهرة حيث رأس الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، وهو في تابوت فضة مدفون تحت الأرض قد بني عليه بنيان حفيل يقصر الوصف عنه ولا يحيط الإدراك به، مجلل بأنواع الديباج، محفوف بأمثال العمد الكبار شمعا أبيض ومنه ما هو دون ذلك، قد وضع أكثرها في أتوار «١» فضة خالصة ومنها مذهبة، وعلقت عليه قناديل فضة، وحفّ أعلاه كله بأمثال التفافيح ذهبا في مصنع شبيه الروضة يقيد الأبصار حسنا وجمالا، فيه من أنواع الرخام المجزّع الغريب الصنعة البديع الترصيع ما لا يتخيله المتخيلون ولا يلحق أدنى وصفه الواصفون.
والمدخل الى هذه الروضة على مسجد على مثالها في التأنق والغرابة، حيطانه كلها رخام على الصفة المذكورة، وعن يمين الروضة المذكورة وشمالها بيتان من كليهما المدخل اليها وهما أيضا على تلك الصفة بعينها. والأستار البديعة الصنعة من الديباج معلّقة على الجميع.
ومن اعجب ما شاهدناه في دخولنا الى هذا المسجد المبارك حجر موضوع في الجدار الذي يستقبله الداخل شديد السواد والبصيص، يصف الأشخاص كلها