ومن مشاهد زخارف الدنيا المحدث بها زفاف عروس شاهدناه بصور في أحد الأيام عند مينائها، وقد احتفل لذلك جميع النصارى رجالا ونساء، واصطفوا سماطين عند باب العروس المهداة، والبوقات تضرب والمزامير وجميع الآلات اللهوية، حتى خرجت تتهادى بين رجلين يمسكانها من يمين وشمال، كأنهما من ذوي ارحامها، وهي في ابهى زيّ، وافخر لباس، تسحب أذيال الحرير المذهب سحبا على الهيئة المعهودة من لباسهم، وعلى رأسها عصابة ذهب قد حفت بشبكة ذهب منسوجة، وعلى لبتها مثل ذلك منتظم، وهي رافلة في حليها وحللها، تمشي فترا في فتر مشي الحمامة أو سير الغمامة، نعوذ بالله من فتنة المناظر، وأمامها جلة رجالها من النصارى في أفخر ملابسهم البهية، تسحب أذيالها خلفهم، ووراءها أكفاءها ونظراؤها من النصرانيات يتهادين في أنفس الملابس ويرفلن في أرفل الحلى، والآلات اللهوية قد تقدمتهم، والمسلمون وسائر النصارى من النظار قد عادوا في طريقهم سماطين يتطلعون فيهم ولا ينكرون عليهم ذلك، فساروا بها حتى أدخلوها دار بعلها، واقاموا يومهم ذلك في وليمة. فأدّانا الاتفاق الى رؤية هذا المنظر الزخرفيّ المستعاذ بالله من الفتنة فيه.
[مسلمو عكة]
ثم عدنا الى عكة في البحر، وحللناها صبيحة يوم الاثنين الثالث والعشرين من جمادى المذكورة، وأول يوم من شهر أكتوبر، واكترينا في مركب كبير نروم الاقلاع الى مسينة من بلاد جزيرة صقيلة، والله تعالى كفيل بالتيسير والتسهيل بعزّته وقدرته. وكانت راحتنا مدة مقامنا بصور بمسجد بقي بأيدي