ومن اعجب أمر هذه الجلاب أن شرعها منسوجة من خوص شجر المقل.
فمجموعها متناسب في اختلال البنية ووهنها، فسبحان مسخرها على تلك الحال والمسلم فيها لا اله سواه.
ولأهل عيذاب في الحجاج احكام الطواغيت «١» وذلك انهم يشحنون بهم الجلاب حتى يجلس بعضهم على بعض وتعود بهم كأنها أقفاص الدجاج المملوءة، يحمل أهلها على ذلك الحرص والرغبة في الكراء حتى يستوفي صاحب الجلبة منهم ثمنها في طريق واحدة ولا يبالي بما يصنع البحر بها بعد ذلك، ويقولون: علينا بالألواح، وعلى الحجاج بالأرواح. وهذا مثل متعارف بينهم. فأحق بلاد الله بحسبة يكون السيف درتها هذه البلدة، والأولى بمن يمكنه ذلك ان لا يراهما وأن يكون طريقه على الشام الى العراق، ويصل مع أمير الحاج البغدادي، وان لم يمكنه ذلك اولا فيمكنه آخرا عند انفضاض الحاج، يتوجه مع أمير الحاج المذكور الى بغداد ومنها الى عكة، فان شاء دخل منها الى الاسكندرية، وان شاء الى صقلية أو سواهما. ويمكن أن يجد مركبا من الروم يقلع الى سبتة أو سواها من بلاد المسلمين. وان طال طريقه بهذا التحليق فيهون لما يلقى بعيذاب ونحوها.
[أهل عيذاب]
واهلها الساكنون بها من قبيل السودان يعرفون بالبجاة، ولهم سلطان من أنفسهم يسكن معهم في الجبال المتصلة بها. وربما وصل في بعض الأحيان واجتمع بالوالي الذي فيها من الغز اظهارا للطاعة. ومستنابه مع الوالي في البلد، والفوائد كلها له الا البعض منها.
وهذه الفرقة من السودان المذكورين فرقة أضل من الأنعام سبيلا واقل عقولا