أمر يوم فتح مكة بكسر الأصنام واحراقها. وهذا الذي نقل الينا غير صحيح وانما تلك التي على الباب حجارة منقولة وعني القوم بتشبيهها الى الأصنام لعظمها.
ومن جبال مكة المشهورة، بعد جبل أبي قبيس، جبل حراء، وهو في الشرق على مقدار فرسخ أو نحوه مشرف على منى، وهو مرتفع في الهواء عالي القنة، وهو جبل مبارك، كان النبي، صلى الله عليه وسلم، كثيرا ما ينتابه ويتعبد فيه، واهتز تحته فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم:«اسكن حراء، فيما عليك الا نبي وصديق وشهيد» ، وكان معه أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما. ويروى:«أثبت فما عليك الا نبي وصديق وشهيدان» ، وكان عثمان، رضي الله عنه، معهم، واول آية نزلت من القرآن على النبي، صلى الله عليه وسلم، في الجبل المذكور وهو آخذ من الغرب الى الشمال، ووراء طرفه الشمالي جبانة الحجون التي تقدم ذكرها. وسور مكة انما كان من جهة المعلى وهو مدخل الى البلد، ومن جهة المسفل وهو مدخل ايضا اليه.
ومن جهة باب العمرة وسائر الجوانب جبال لا يحتاج معها الى سور. وسورها اليوم منهدم الا آثاره الباقية وأبوابه القائمة.
[بعض مشاهدها]
مكة، شرفها الله، كلها مشهد كريم، كفاها شرفا ما خصها الله به من مثابة بيته العظيم وما سبق لها من دعوة الخليل ابراهيم وانها حرم الله وأمنه، وكفاها أنها منشأ النبي، صلى الله عليه وسلم، الذي آثره الله بالتشريف والتكريم وابتعثه بالآيات والذكر الحكيم، فهي مبدأ نزول الوحي والتنزيل وأول مهبط الروح الأمين جبريل، وكانت مثابة أنبياء الله ورسله الاكرمين، وهي أيضا مسقط رؤوس جماعة من الصحابة القرشيين المهاجرين الذين جعلهم الله مصابيح الدين ونجوما للمهتدين.
فمن مشاهدها التي عايناها قبة الوحي، وهي في دار خديجة أم المؤمنين، رضي الله عنها، وبها كان ابتناء النبي، صلى الله عليه وسلم، بها، وقبة صغيرة