ابراهيم، عليه السلام، عليها أجزاء الطير ثم دعاهن حسبما حكى الله، عز وجل، سؤاله إياه جل وتعالى أن يريه كيف يحيي الموتى. وحول تلك الجبال الأربعة جبال غيرها، وقيل: ان التي جعل ابراهيم عليها الطير سبعة منها، والله أعلم.
وعند إجازتك الزاهر المذكور تمر بالوادي المعروف بذي طوى الذي ذكر أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نزل فيه عند دخوله مكة، وكان ابن عمر، رضي الله عنهما، يغتسل فيه وحينئذ يدخلها. وحوله آبار تعرف بالشبيكة، وفيه مسجد يقال انه مسجد ابراهيم، عليه السلام، فتأمل بركة هذا الطريق ومجموع الآيات التي فيه والآثار المقدسة التي اكتنفته.
وتجيز الوادي الى مضيق تخرج منه الى الأعلام التي وضعت حجزا بين الحل والحرام، فما داخلها الى مكة حرم وما خارجها حل، وهي كالأبراج مصفوفة كبار وصغار واحد بازاء آخر، وعلى مقربة منه تأخذ من أعلى الجبل الذي يعترض عن يمين الطريق في التوجه الى العمرة، وتشق الطريق الى أعلى الجبل عن يساره، ومنه ميقات المعتمرين، وفيها مساجد مبنية بالحجارة يصلي المعتمرون فيها ويحرمون منها.
ومسجد عائشة، رضي الله عنها، خارج هذه الأعلام بمقدار غلوتين، واليه يصل المالكيون ومنه يحرمون. وأما الشافعيون فيحرمون من المساجد التي حول الأعلام المذكورة. وامام مسجد عائشة، رضي الله عنها، مسجد ينسب لعلي بن أبي طالب، رضي الله عنه.
ومن عجيب ما عرض علينا بباب بني شيبة المذكور عتب من الحجارة العظام طوال كأنها مصاطب صفت أمام الأبواب الثلاثة المنسوبة لبني شيبة، ذكر لنا أنها الأصنام التي كانت قريش تعبدها في جاهليتها، وكبيرها هبل بينها، قد كبت على وجوهها، تطؤها الأقدام وتمتهنها بأنعلتها العوام، ولم تغن عن أنفسها فضلا عن عابديها شيئا، فسبحان المنفرد بالوحدانية لا اله سواه. والصحيح في أمر تلك الحجارة أن النبي، صلى الله عليه وسلم.