منها كالدار الكبيرة محدقة بالبيوت الخلائية، والماء يجري في كل بيت منها.
وبطول صحنها حوض من الحجر مستطيل تصب فيه عدة أنابيب منتظمة بطوله.
واحدى هذه السقايات في دهليز باب جيرون، وهي أكبرها وفيها من البيوت ما ينيف على الثلاثين، وفيها زائدا على السقاية المستطيلة مع جدارها حوضان كبيران مستديران يكادان يمسكان لسعتهما عرض الدار المحتوية على هذه السقاية، والواحد بعيد من الآخر، ودور كل واحد منهما نحو الأربعين شبرا، والماء نابع فيهما. والثانية في دهليز باب الناطفيين بإزاء المعلمين، والثالثة عن يسار الخارج من باب البريد، والرابعة عن يمين الخارج من باب الزيادة. وهذه ايضا من المرافق العظيمة للغرباء وسواهم. والبلد كله سقايات قلما تخلو سكة من سككه أو سوق من أسواقه، من سقاية، والمرافق به أكثر من أن توصف، والله يبقيه دار اسلام بقدرته.
[مشاهده المكرمة وآثره المعظمة]
فاولها مشهد رأس يحيى بن زكرياء، عليه السلام، وهو مدفون بالجامع المكرم في البلاط القبلي قبالة الركن الأيمن من المقصورة الصحابية، رضي الله عنهم، وعليه تابوت خشب معترض من الأسطوانة، وفوقه قنديل كأنه من بلور مجوف، كأنه القدح الكبير، لا يدرى أمن زجاج عراقي أم صوري هو أم من غير ذلك.
ومولد ابراهيم، صلى الله عليه وسلم وعلى نبينا الكريم، وهو بصفح جبل قاسيون عند قرية تعرف ببرزة، وهي من أجمل القرى، وهذا الجبل مشهور بالبركة في القديم لأنه مصعد الأنبياء، صلوات الله عليهم، ومطلعهم، وهو في الجهة الشمالية من البلد وعلى مقدار فرسخ، وهذا المولد المبارك غار مستطيل ضيق، وقد بني عليه مسجد كبير مرتفع مقسم على مساجد كثيرة كالغرف المطلة، وعليه صومعة عالية، ومن ذلك الغار رأى، صلى الله عليه وسلم، الكوكب